للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيِّ أَنَّ فَارِسَ مَلَّكوا

ابْنَةَ كِسْرَى (١)، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوَا أَمْرَهمُ امْرَأَةً (٢)»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٣).

قاَلَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكون فَتِيَّةً … تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ (٤)

حتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا … وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ (٥)

شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ … مَكرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ (٦)


= وألبوا عليه بعض الأصحاب فانضم لهم طلحة والزبير بعد مبايعتهما لعلي وخطبت عائشة بمكة وحضت الناس على الأخذ بدم عثمان فاجتمع من أهل مكة والمدينة وما حولها ثلاثة آلاف مقاتل وساروا إلى البصرة لاستنفار الناس وعلى رأسهم عائشة على جمل اسمه عسكر اشتراه لها يعلى بن أمية بمائتي دينار فساروا حتَّى نزلوا بمياه بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت أي ماء هذا قالوا الحوأب فقالت إن النَّبِيّ قال لنا ذات يوم كيف بإحداكن ينبح عليها كلاب الحوأب، وفي رواية: أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج حتَّى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة وتنجو بعد ما كادت، أي تهلك، وسمع بذلك على فخرج من المدينة ومعه تسعمائة راكب فرارًا من الفتنة وقصد الكوفة فسمع بجيش عائشة وراءه فاستنفر أهل الكوفة فخرج منهم طائفة معه والتقوا بجيش عائشة فكسروهم شر كسرة واستشهد طلحة إلى رحمة الله فوقف على جثته علي وصار يبكي لهذه الفتنة التي أخرجتهم من ديارهم إلى هلاكهم، وأما الزبير فإنه حين وقف الصفان ظهر على بينهما ونادى الزبير فجاءه فقال له: أستحلفك بالله أتذكر أني كنت أسير مع النَّبِيّ وقد قابلتنا فنظر لي ولك النَّبِيّ وهو يتبسم فسألته فقال تقاتله وأنت له ظالم قال نعم وسأرجع إلى وطني وفعلا. رجع ونام في طريقه تحت شجرة وعلق سيفه فجاء شخص فقطع رقبته وهو نائم ثم جاء لعلى وبشره فأنّبه علي وذمه وقال له بشر قاتل الزبير بالنار، وأما عائشة فإن جملها قد كسرت رجله وكادت تسقط على الأرض فأدركها علي وقال: حافظوا على أمكم وأكرموها وأمر بإرجاعها إلى وطنها بسلامة الله تعالى.
(١) بعد موت أبيها.
(٢) فهم أبو بكرة أن جيش عائشة لن يفلح فلم يخرج معهم.
(٣) وسبق هذا في كتاب الإمارة.
(٤) تظهر أولا جميلة تغر الجاهلين.
(٥) فإذا اشتعلت نارها صارت كالعجوز لا يرغب فيها أحد.
(٦) شاب شعرها وتغير لونها فلا يشمها ولا يقبلها أحد لقبحها، هكذا الحرب في أولها محبوبة وفي آخرها مبغوضة؛ نسأل الله السلامة منها آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>