للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي فَلَقِيَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طرُقِ الْمَدِينَةِ فَقاَلَ لَهُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلَأَ السِّكَّةَ (١) فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا فَقاَلَتْ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنَ صَائِدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّماَ يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهاَ (٢)».

• وَعَنْهُ قَالَ: لَقِيتُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ (٣) فَقُلْتُ: مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قُلْتُ: لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ، قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هذِهِ قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ (٤)، قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِي حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَدَّثْتُهاَ فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ إِنَّ أُوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ، رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

• عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ باللَّهِ أَنَّ ابْنَ صَائِدٍ هُوَ الدَّجَّالُ، فَقُلْتُ: أَتَحْلِفُ بِاللَّهِ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ فَلَمْ يُنْكِرْهُ (٥)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، نسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالتَّوْفِيقَ آمِين.


(١) كبر جسم ابن صائد حتَّى ملأ الطريق.
(٢) إنما يظهر للناس بسبب غضبة شديدة.
(٣) ورمت وارتفعت.
(٤) النخير: صوت الأنف من الحيوان وأظهره في الحمير.
(٥) وكان ابن عمر يقول: والله ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد، رواه أبو داود، فظاهر هذه النصوص الأربعة أن ابن صياد هو المسيح الدجال، ولكن التحقيق أنه غيره فإن ابن صياد كان مسلمًا ظاهرًا والمسيح الدجال كافر، وابن صياد كان يدعي أنه رسول الله، والمسيح يدعي أنه إله العالمين، وابن صياد له أولاد، والدجال عقيم لا ولد له، وابن صياد من المدينة وكان يقيم بها ويحج بيت الله الحرام في مكة، والدجال ممنوع من دخول مكة والمدينة كما سيأتي إن شاء الله تعالى. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>