للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَبْقَ إلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهاَ قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ (١) قَدْ عَادُوا حُمَمًا (٢) فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهَرُ الحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَماَ تَخْرُجُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ (٣) أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضُرُ وَمَا يَكونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ (٤) فَقَالُوا: ياَ رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كنْتَ تَرْعَى بِالْباَدِيَةِ (٥) قَالَ: فَيَحْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤ فِي رِقَابِهِمُ الْخَواتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ (٦) ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلوا الْجَنَّةَ فَماَ رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّناَ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هذَا فَيَقُولُونَ: ياَ رَبَّناَ أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هذَا فَيَقُولُ: رِضَايَ فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا (٧)، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ (٨)، فَلِلَّهِ مَزِيدُ الْحَمْدِ وَوَافِرُ الشُّكْرِ.


(١) فإذا انتهى الخلق من الشفاعة قال الله تعالى "ما بقي إلا أرحم الراحمين" ثم يقبض على جماعة من أهل النار لا خير فيهم إلا الإيمان فيلقيهم في نهر الحياة الذي هو في أول طرق الجنة، وهنا يتجلى الفيض الإلهي والكرم الرباني فإن هذه القبضة لها ما لها من الكثرة فهي أكثر بكثير ممن شفع لهم الشافعون فلا تدخل تحت عد ولا حصر جل شأن ربنا وفضله، وتعالى إحسانه وكرمه.
(٢) جمع حممة وهي القطعة من الفحم.
(٣) الحبة بالكسر: بذر ما ينبت وحده، وما يستنبته الناس فبالفتح والأول سريع الإنبات أي تنبت أجسامهم بسرعة كما تنبت حبة البقل في محمول السيل أي الغيث.
(٤) ألا تنظرون إلى لون النباتة يكون في الظل أبيض وفي الشمس يكون مائلا إلى الصفرة والخضرة.
(٥) لمعرفتك بحال النبات.
(٦) فلم يكن لهم سوى الإيمان بالله ورسوله ، وذلك شعارهم عند أهل الجنة.
(٧) لكم رضاي فلا سخط بعده أبدا، سبحانك ما أعظمك ما أكرمك سبحانك سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
(٨) ولفظه لمسلم في الإيمان، نسأل الله كمال الإيمان آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>