للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ نَرَى رَبَّناَ قَالَ: «نَعَمْ هَلْ تَتَماَرَوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» قُلْناَ: لَا، قَالَ: «كَذلِكَ لَا تُماَرُونَ فِي رُؤُيَةِ رَبِّكُمْ (١) وَلَا يَبْقَى فِي ذلِكَ الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلا حَاصَرَهُ اللَّهُ مُحَاصَرَةً (٢) حَتَّى يَقُولَ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ ياَ فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ أَتَذْكرُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا (٣) فَيُذَكِّرُهُ بَعْضَ غَدَّارَتِهِ فِي الدُّنْياَ (٤) فَيَقُولُ: ياَ رَبِّ أَفَلمْ تَغْفِرْ لِي فَيَقُولُ: بَلَى (٥) فَبِسَعَةِ مَغْفِرَتِي بَلَغْتَ مَنْزِلَتَكَ هذِهِ فَبَيْنَماَ هُمْ عَلَى ذلِكَ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا لَمْ يَجِدُوا مِثْلِ رِيحِهِ شَيْئًا قَطُّ» وَيَقُولُ رَبُّناَ : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم فنأتى سوقا قد حفت به الملائكة لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب (٦) فَيَحْمِلُ لَناَ مَا اشْتَهَيْناَ لَيْسَ يُباَعُ فِيهاَ وَلَا يُشْتَرَى (٧) وَفِي ذلِكَ السُّوقِ يَلْقَى أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَالَ: فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو الْمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَيَلْقَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَمَا فِيهِمْ مِنْ دَنِئٍ فَيَرُوعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَخَيَّلَ إِلَيْهِ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ وَذلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا (٨) ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى مَناَزِلِناَ فَيَلْقاَناَ أَزْوَاجُناَ فَيَقُلْنَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا لَقَدْ جِئْتَ وَإِنَّ بِكَ مِنَ الْجَماَلِ أَفْضَلَ مِمَّا


(١) تتمارون أي تشكون، كذلك لا تمارون في رؤية ربكم أي لا تشكون فيها.
(٢) من الحصر وهو الإحاطة الخاصة: أي حادثه في أمره فقط وما قدمه في دنياه فبيانه ما بعده.
(٣) وفي نسخة: يوم قلت كذا وكذا.
(٤) غدارته بفتح فتشديد أي غدرته، من الغدر ضد الوفاء.
(٥) أي غفرت لك.
(٦) في هذا السوق ما لم تنظره العيون ولم تسمع به الآذان ولم يخطر على قلب مخلوق.
(٧) ليس في السوق بيع وشراء بل من أحب شيئا أخذه.
(٨) وفي هذا السوق يقبل الرجل ذو المكانة الرفيعة وعليه الملابس الفاخرة فيلقاه من هو أقل منه فيمهره ما يرى عليه من اللباس فيقفان فيتحدثان وقبل نهاية حديثهما يظهر له أن عليه ملابس أفخر من ملابس ذي المنزلة الرفيعة فيمتلئ فرحا ولا يحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>