للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ حَلَفَ لا يَسْتَثْنِي أنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؟ قَالَ: بالْعَلَامَةِ أَوْ بالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا (١). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلا الْبُخَارِيَّ. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ: قلْتُ: مَا الآيَةُ؟ قَالَ: تُصْبِحُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِثْلَ الطَّسْتِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ (٢).


(١) زر بالكسر وحبيش بالتصغير. وحلف لا يستثني أي بقوله: إن شاء الله، بل حلف جازمًا، وأبو المنذر كنية أبي بن كعب، والعلامة والآية معنى، وأو للشك، والطست - كالشرط - إناء الاغتسال المستدير، والشعاع ما يرى من الشمس بعد طلوعها وقبل غروبها كالخيوط متصلا بالرأي، ومعنى الحديث أن ابن حبيش قال لأبي: إن أخاك ابن مسعود يقول ليلة القدر في ليلة في كل السنة ومن يقم السنة كلها فإنه يصيب ليلة القدر. فقال أبي: إن ابن مسعود قال ذلك ليقوم الناس بإحياء العام كله، ولكنه يعلم أنها في رمضان في ليلة سبع وعشرين، ثم حلف على ذلك. فقال ابن حبيش: هل فيه علامة على ذلك؟ قال: نعم أخبرنا النبي بعلامتها وهي أن تطلع الشمس في يومها خالية من الشعاع، بل بيضاء قليلة الضوء من كثرة الملائكة هبوطًا وصعودًا فسترضوؤها، وقد رأينا هذه العلامة في صبح سبع وعشرين. ومنه حديث معاوية الآتي، فلهذا يقول أبي بن كعب ومعاوية وكثير من الصحب والتابعين إنها ليلة سبع وعشرين من رمضان بل وحكاه صاحب الحلية عن أكثر العلماء، وروى الحاكم وعبد الرزاق: أن عمر بن الخطاب دعا الأصحاب وسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر، فقال ابن عباس: إني لأعلم أو أظن أي ليلة هي، قال عمر: ما هي؟ قال: سابعة تمضي من العشر الأواخر أو سابعة تبقي منها أي هي ليلة سبع وعشرين أو ثلاث وعشرين. فقال عمر: من أين علمت ذلك؟ قال: خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام، والدهن يدور في سبع، والإنسان خلق من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف سبعًا، والجمار بسبع. فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له. والله أعلم.
(٢) بسند صحيح، وينبغي إحياء يوم ليلة القدر فإنه في الفضل كليلته لحديث أبي نعيم: أربع ليال كأيامهن وأيامهن كلياليهن يبر الله فيهن القسم ويعتق النسم ويعطى فيهن الخير الجزيل: ليلة القدر وصباحها، وليلة النصف من شعبان وصباحها، وليلة عرفة وصباحها، وليلة الجمعة وصباحها، صدق رسول الله .

<<  <  ج: ص:  >  >>