للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: «يَتْرُكونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ لَا يَغْشَاهَا إِلا الْعَوَافِي (١) وَآخِرُ مَنْ يحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَة يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحُوشاً حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا (٢)». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

• وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمَهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ (٣) وَالْمَدِينَة خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْهُمْ رَغْبَةً عَنْهَا إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ فِيهَا خَيْراً مِنْهُ، أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ تُخْرِجُ الْخَبِيثَ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

• عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مَوْلَاةً لَهُ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اشْتَدَّ عَلَيَّ الزَّمَانُ (٤) وَإِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْعِرَاقِ قَالَ: فَهَلا إِلَى الشَّامِ أَرْضِ الْمَنْشَرِ (٥) وَاصْبِرِي لَكَاعِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: مَنْ صَبَرَ عَلَى شِدَّتِهَا وَلأْوَائِهَا كُنْتُ لَهُ شَهِيداً أَوْ شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٦). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَصْبِرُ عَلَى لأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي إِلا كنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.


= وبفتح فضم أو كسر، وأصل البس السوق الشديد والمراد هنا السير السريع، فالنبي أخبر بأن هذه الأقاليم ستفتح ويرغب كثير من الناس فيها لكثرة خيراتها؛ ولكن الإقامة بالمدينة خير لهم لأنها حرم الرسول ومهبط الوحي ومنزل الرحمات والبركات فهي خير البلاد بعد مكة المكرمة، رزقنا الله الإقامة فيها آمين.
(١) العوافي جمع عافية وهي ما يطلب القوت من الحيوان والطيور.
(٢) وحوشًا؛ وفي رواية وحشا أي خالية ليس بها أحد، في آخر الزمان يترك الناس المدينة على أحسن ما كانت من المهارة والنظام لا ينزلها إلا الحيوان وآخر من يدخلها راعيان بغنمهما فيجدانها خرابًا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا ميتين وستأتي علامات الساعة مبسوطة إن شاء الله.
(٣) أي أسرع بنا إلى جهات الرخاء.
(٤) وضاقت أرزاقي.
(٥) سافري إلى الشام فإنه أرض المحشر؛ وهذه الجملة للترمذي فقط، وفي النفس منها شيء لقول الله تعالى ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات﴾.
(٦) اللكاع: الحمقاء، واللأواء: الشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>