للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ (١)». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَيَاتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ (٢)». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.


=شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى بابًا عظيما من أبواب الربا، ولكن ترجح الحل فيها، وثانيا ورود نص خفي فيه لم يعلمه إلا قليل من الناس، وثالثًا عدم ورود نص صريح فيه، وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس فتختلف أفهام العلماء فيه، ورابعًا ورود الإباحة فيه أو النهي عنه، ولكنهم اختلفوا هل هذا مؤقت أو دائم، كأكل الخير والبغال والخيل التي ستأتي في الصيد والذبائح وكلبس جلود بعض السباع، فهذه وأمثالها تخفى على كثير من الناس، ولكنها لا تخفى على العلماء فيعرفون حكمها بنص أو إجماع أو قياس أو استصحاب، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة وليس فيه نص، اجتهد الفقيه فألحقه بأحدها الذي يتحد أو يقرب منه في العلة فصار داخلا فيه، وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء فحكمه الحل، أو الحرمة، أو التوقف، كالأشياء قبل ورود الشرع فيها، والأصح التوقف لأن التكليف لا يثبت عند أهل الحق إلا بالشرع. والطبراني في الكبير: إنما الأمور ثلاثة، أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلفت فيه فرُدَّه إلى عالم. والعرض بالكسر محل المدح والذم من الإنسان، فمن ترك ما اشتبه في حله فقد طهر دينه وعرضه، ومنه» دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ومنه ما رواه البخاري والترمذى أن عقبة بن الحارث قال للني : إني تزوجت بامرأة فأتتني امرأة سوداء فزعمت أنها أرضعتني أنا وزوجتي وهي كاذبة، فأعرض عنه النبي فأعاد عليه ثانيًا فقال: كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما، دعها عنك، أي احتياطًا للشبهة في تحريمها، وإلا فلو حرمت عليه لأجابه بالتحريم.
(١) الحمى ما يحميه الإمام من الكلأ لرعي إبل الجهاد والصدقة مثلا. والمضغة: العضو بقدر ما يمضغه الإنسان وهي هنا القلب، فبصلاحه ينصلح الجسد، وبفساده يفسد، فالقلب كالملك إذا صلح صلحت الرعية، وإذا فسد فسدت الرعية، وصلاحه يأتي من أكل الحلال ومن طهارة النفس من دنس المعاصي، وطهارة الباطن من الغل والحسد والكبر وإضمار السوء لخلق الله تعالى، ولابد من التحلي بإقامة شعائر الدين وحب الخير وعمله للناس، ففي الحديث» الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله».
(٢) هذا حاصل في زماننا نسأل الله السلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>