للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلكِنْ قَالَ: لأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَرْضَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجاً مَعْلُوماً. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا جَاءَ للنَّبِيِّ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ قَدِ اقْتَتَلَا فَقَالَ: «إِنْ كَانَ هذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ فَسَمِعَ رَافِعٌ قَوْلَهُ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكْرِي مَزَارِعَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْراً مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا سَمِعَ حَدِيثَ رَافِعٍ تَرَكَ ذلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ قَدْ أَحْدَثَ فِيهَا شَيْئاً (١)». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يحَرِّمِ الْمُزَارَعَةَ وَلكِنْ أَمَرَ أَنْ يَرْفُقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ بِقَوْلِهِ : «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ (٢)». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلا يَزْرَعونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ (٣) وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وآلُ عَلِيَ وَابْنُ سِيرِينَ (٤). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَعْلَمُ.


(١) من باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
(٢) معنى ما تقدم أنه كان يقع نزاع عند الحصاد بين المالكين والمزارعين فنهاهم النبي ففهم رافع أن النهي لذات المزارعة فقال به وامتنع عنها ابن عمر احتياطا ولكن رد على رافع زيد وقال: إن النهي لمنع النزاع فقط وكذا رد عليه جبر الأمة ابن عباس وقال إنما نهى النبي عنها ليرشدهم إلى ما هو خير لهم وهو المنح بقوله من كانت له أرض أي زائدة عن حاجته فليعطها لأخيه يزرعها بدون شيء.
(٣) أبو جعفر هو محمد الباقر بن علي بن الحسين ، فأبو جعفر يقول كل المهاجرين بالمدينة يزارعون على الثلث أو الربع كما يتفق الطرفان، فإن معظم المهاجرين لم يكن لهم أرض يزرعونها بل الأرض كانت للأنصار بل وزارع من الصحب والتابعين من ذكروا وهم من عظماء الصحابة والتابعين، ويبعد كل البعد أن تكون مزارعتهم على غير علم من النبي لأنها أرزاقهم فلا تخفى.
(٤) فاتضح من هذا أن المزارعة على بعض الأرض أو على بعض الخارج منها جائزة وسيأتي الخلاف فيها في كراء الأرض بالنقد إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>