للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هِنْدٍ حَجَمَ النَّبِيِّ في الْيَافُوخِ فَقَالَ : «يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَانْكِحُوا إِلَيْهِ» (١) وَقَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوَوْنَ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ» (٢). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ (٣).

قَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّ النَّبِيَّ تَزَوَّجَهَا


=يزوج موليته لمشرك بل العبد المؤمن خير منه، أما الكتابية للمسلم نكاحها لقوله تعالى ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ وليس للكتابي أن يتزوج بالمسلمة لما سبق في الفرائض: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
(١) أبو هند هو يسار وكان مولى لبنى بياضة وكان حجامًا، ولما حجم النبي في اليافوخ - ملتقى مقدم عظم الرأس بمؤخره - قال لأسياده أنكحوا أبا هند أي زوجوه منكم إن طلب وانكحوا إليه أي تزوجوا من بناته إذا شئتم ولا تبتعدوا عنه لأنه مولاكم وصناعته الحجامة.
(٢) ستأتي الحجامة في الطب إن شاء الله.
(٣) وحسنه الحافظ في التلخيص، وسيأتي في الخاتمة قول النبي لفاطمة بنت قيس القرشية: أنكحي أسامة بن زيد مولى النبي ، وللدارقطني كانت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال بن رباح، فهاتان قرشيتان والأولى تحت مولى والثانية تحت عتيق، فهذه النصوص السابقة تفيد أن الكفاءة في الدين فقط فهو المعتبر في المساواة بين الزوجين دون شيء سواه، وروي عن بعض الصحب والتابعين والإمام مالك، ولهم أيضا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وما تقدم في الزوج المحمود: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، ولكن الجمهور على أن الكفاءة أكثر من الدين فقط لحديث عليّ السابق في الصلاة القائل: يا على لا تؤخر الأيم إذا وجدت لها كفؤا. ولحديث جابر: لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوَّجن من غير الأكفاء. فالكفارة عند الجمهور فضلا عن الدين معتبرة بأمور وهي: السلامة من عيوب النكاح التي توجب الفسخ، والحرية والنسب والصناعة، وزاد الشافعي العفة فليس فاسق كفؤا لصالحة، وزاد أبو حنيفة اليسار لحديث أحمد والنسائى والحاكم: إن حسب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال. أما الدين فللنصوص السابقة، وأما السلامة من العيوب فلأنها إذا أوجبت فسخ النكاح بعد انعقاده فأولى أن نمنعه قبله، وأما الحرية فلتخيير النبي السابق في العتق لبريرة لما عتقت، وأما النسب فلأن العرب أشرف من العجم وقريش أشرف العرب وأشرف قريش بنو هاشم وبنو المطلب، وقال أبو حنيفة: قريش كلهم أكفاء لبعضهم، وأما الصناعة فلأنه ليس الكنّاس كفؤا لبنت الخياط، وليس الخياط كفؤا لبنت التاجر، والموظف كالتاجر، وليس التاجر كفؤا لبنت العالم، والحاكم كالعالم، ولكن العلم أعلى الصناعات كلها لقوله تعالى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ولحديث. العلماء ورثة الأنبياء: أي فأهل العلم مع بعضهم في طبقة واحدة وهم أكفاء لأعلى الطبقات، قال الشافعي : ليس نكاح غير الأكفاء حراما يرد به =

<<  <  ج: ص:  >  >>