للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: «عُدِلَتْ (١) شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (٢). عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ (٣) وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ (٤)». قَالَ: فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَسُئِلَ النَّبِيُّ : أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ (٥)». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ (٦) وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلونَهُمْ ثَلَاثاً ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِمْ يَتَسَمَّنُونَ وَيَجِبُّونَ السِّمْنَ يُعْطُونَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ يُسَأَلُوهَا (٧)».


(١) قوله عدلت شهادة الزور بالشرك أي ساوت الشرك. وهذا تفظيع وتنفير عنها وإلا فالشرك لا يعدله شيء، وقوله فاجتنبوا الرجس أي النجس من الأوثان، جمع وثن وهو الصنم. وقوله قول الزور أي كل قول باطل. وقوله غير مشركين به أي مخلصين له.
(٢) بسند صحيح.
(٣) أي إغضابهما أو أحدهما بغير حق لأنهما كانا سببًا في وجوده، فلا يكون عذابًا عليهما ولا سيما ما تحملاه في تربيته.
(٤) قوله أو قول الزور أعم من شهادته. فالنبي أكثر من ذكر شهادة الزور والتنفير عنها حتى تمنينا سكوته.
(٥) قوله: خير الناس قرني. أي أصحابي، والقرن هو القوم في زمن واحد ثم الذين يلونهم هم الأتباع، ثم الذين يلونهم هم أتباع التابعين، ثم يجيء قوم الخ هم قوم لا دين لهم، فلا يتورعون عن شهادة الزور ولا عن اليمين الباطلة كزماننا هذا. نسأل الله السلامة.
(٦) ولكن البخاري في الأيمان وأبو داود في السنة.
(٧) قوله ثلاثا أثبت الفضل لقرون ثلاثة بعد الأصحاب. وقوله ثم يجيء قوم يتسمنون ويحبون السمن، أي يفعلون ما به تسمن بطونهم وأبدانهم. وهذا مذموم لأن البطين يثقل عن كثير من الخيرات. ونظر النبي إلى رجل بطين فأشار إلى بطنه وقال لو كان هذا في غير هذا لكان أحسن، أي لو كان العظم في عقله لكان أحسن. وقوله يعطون الشهادة قبل أن يسألوها. وفي رواية ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولا يستشهد ويحلف الرجل ولا يستحلف، ولذا منع بعضهم شهادة من يشهد بدون طلب لإنه مظنة التهمة، وأجازها آخرون لحديث زيد بن خالد السابق في بيان الشهود، وقصرها بعضهم على حقوق الله فقط، فيكون جمعًا بينهما وهذا أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>