(٢) لو تعلمون ما أعلم من أهوال الموت والقبر وما بعدهما لقل الضحك وكثر البكاء. وفيه القسم بالاسم، وفيما قبله القسم بالصفة، فلا يصح اليمين وتجب فيه الكفارة إلا إذا كان باسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفاته، كقوله وعزته وقدرته وإرادته وعلمه وعظمته وكبريائه وجلاله وكلامه وآياته جل شأنه. وستأتي الأسماء الحسنى في كتاب الذكر إن شاء الله.
﴿فائدة﴾ ورد القسم من النبي ﷺ بألفاظ منها: وايم الله في عدة أحاديث وهو بهمزة وصل عند الأكثر، وهمزة قطع عند الكوفيين: بفتح الهمزة وكسرها وميمه مضمومة، وهو حرق عند الزجاج واسم عند الجمهور ولكنه اسم مفرد عند سيبويه وطائفة، وجمع يمين عند الكوفيين وأصله عندهم أيمن حذفت نونه للتخفيف. قال زهير *فيجمع أيمن منا ومنكم* ومعنى وايم الله، والله لأفعلن كذا، أو وحق الله كما صرح به النووي في التهذيب، وعلى هذا فهى يمين. وأما لفظ يمين الله فنقل عن ابن عباس أنه اسم من أسماء الله تعالى ومنه قول امرئ القيس *فقلت يمين الله أبرح قاعدًا* وقيل معناه بالله أو أحلف بالله. وهي يمين عند المالكية والحنفية. وعند الشافعية إن نوى اليمين انعقدت وإلا فلا. وعن أحمد روايتان أصحهما الانعقاد، ومنها لعمر الله في بعض أحاديث، والعَمر والعُمر الحياة. فمعنى لعمر الله أحلف ببقاء الله، وتنعقد بها اليمين عند المالكية والحنفية؛ لأن البقاء من صفات الله تعالى، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: لا يكون يمينا إلا بالنية، ولعمر الله مبتدأ والخبر محذوف أي قسمي، وكذا أيم الله ويمين الله، ومنها أقسمت عليك وأقسمت بالله، فقال قوم: هي يمين وإن لم ينوها. روي ذلك عن بعض الصحب والتابعين والكوفيين، وقال الأكثرون: لا يكون يمينًا إلا إن نواه. وقال مالك: أقسمت بالله يعين مطلقًا بخلاف أقسمت عليك وأقسمت، فليست يمينًا إلا بالنية. وقال الشافعي أقسمت بالله وأقسم بالله ونحوهما مما فيه لفظ الجلالة يكون يمينًا بخلاف ما ليس فيه لفظ الجلالة فليس يمينًا وإن نواه. والله أعلم.