للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وَعَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقاً فَأَرْسَلَنِي يَوْماً لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ (١) وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَهَبْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ.

• وَعَنْهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ» مُسْتَرْضَعاً لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ (٢) فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْناً فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تَكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ».


= حظوة عند النبي فأخذ أبو طلحة أنسا وذهب للنبي فقال يا رسول الله إن أنسا غلام كيس - كقيم - أي عاقل فاتخذه خادما فقبله النبي قال أنس فخدمته عشر سنين بقية حياته فما اعترض عليّ بشيء لا فعلا ولا تركا؛ لأن أنسا كان عاقلا يضع الشيء في محله فلا وجه للوم، أو أن النبي كان يرى أن الفاعل في كل شيء هو الله تعالى فيكون كل شيء جميلا على حد قول بعضهم:
إذا ما رأيت الله في الكل فاعلا … شهدت جميع الكائنات ملاحا
وإن لم تر إلا مظاهر صنعه … حجبت فصيرت الحسان قباحا
ويحتمل الأمران.
(١) لم يؤاخذه النبي على قوله والله لا أذهب ولا على وجوده مع من يلعبون بل نظر إليه وهو يضحك لأنه لم يكن مكلفا حينذاك.
(٢) فإبراهيم ابن النبي من مارية القبطية كان رضيعا في عوالى المدينة أي ضواحيها، وكان النبي يذهب إليه لينظره ويقبله فيدخل بيت المرضعة وهو مملوء بالدخان لأن ظئر إبراهيم ، أي زوج مرضعته كان قينا أي حدادا ولم يغضب النبي ، ومات إبراهيم وهو في الثدي أي في زمن الرضاع لأنه كان ابن سبعة عشر شهرا تقريبا، فقال إن له ظئرين أي مرضعتين تكملان رضاعه في الجنة، فكما يطلق الظئر على زوج المرضعة يطلق على نفس المرضعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>