(١) فحذيفة ﵁ جاء لعثمان وهو يجيش الجيوش من الشام والعراق لفتح إرمينية وأذربيجان فقال: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة فإنها تختلف في القرآن كاليهود والنصارى. فقال عثمان: وماذا ترى؟ قال أرى أن تجمع الناس على مصحف واحد فلا يكون بين المسلمين اختلاف. فأمر عثمان بإحضار الصحف التي كتبت في زمن أبي بكر من عند حفصة ﵃ فجيء بها وأحضر أربعة من خيار الأصحاب المهرة في القراءة والكتابة كلهم قرشيون إلا زيد بن ثابت فإنه أنصاري وأمرهم بكتابة المصحف من تلك الصحف. وروى أن عثمان ﵁ قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله ﷺ زيد بن ثابت. قال: من أعرب الناس وأفصحهم؟ قالوا: سعيد بن العاص. قال: فليمل سعيد وليكتب زيد بحضور إخوانهما ولكن اشترك معهم فضلا عمن ذكروا في الحديث جماعة منهم مالك بن أبي عامر جد الإمام مالك ﵁ وعبد الله بن عباس وأبي بن كعب وأنس بن مالك وكثير بن أفلح ﵃. وبالإجمال أنهم كتبوا المصحف بعلم الأصحاب كلهم وإجماعهم على ما كتبوه فيه على الترتيب الذي تلقوه عن النبي ﷺ كما قرأه مع جبريل ﵇ في العام الأخير على وفق ترتيبه في اللوح المحفوظ فجاء سالمًا محفوظا بعناية الله تعالى القدير الحفيظ. قال تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وقد كتبوا منه سبعة مصاحف فأمسك عثمان ﵁ بالمدينة واحدًا، وأرسل إلى مكة واحدا وإلى اليمن واحدا، وإلى البحرين واحدا، وإلى البصرة واحدا، وإلى الكوفة واحدا، وإلى دمشق الشام واحدا، وأمر بتحريق ما عداها منعًا للالتباس. رضي الله عن الأصحاب وجزاهم عن الأمة خير الجزاء آمين والحمد لله رب العالمين.