للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ نَسَخَها اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ ﷿: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، قَالَ: نَعَمْ، ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا﴾، قَالَ: نَعَمْ، ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾، قَالَ: نَعَمْ، ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾، قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ هُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


= لها ما كسبت﴾ أي من الخير ﴿وعليها ما اكتسبت﴾ أي من الشر ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ قال الله تعالى ﴿نعم قد فعلت ورفعت هذا﴾ أي كما تقدم في كتاب الإيمان: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ﴿ربنا ولا تحمل علينا إصرًا﴾ أي أمرا ثقيلا ﴿كما حملته على الذين من قبلنا﴾ كقتل النفس في التوبة وربع المال في الزكاة وقرض موضع النجاسة، قال الله تعالى "نعم قد فعلت﴾ فإنه بدّل هذه الأمور بالأخف منها ﴿ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به﴾ من أي شيء، قال الله تعالى: نعم ﴿واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين﴾ قال الله تعالى نعم قد فعلت، وأعفو وأغفر لمن تاب إليّ ﴿وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى﴾ فكانت تلك الآية وخوف الأصحاب منها وشكواهم للنبي سببًا في هذه التخفيفات والرحمات التي لم تنلها أمة أخرى في أسلوب يشعر بالذلة والانكسار والاعتراف الله تعالى بهذه النعم الجزيلة العظيمة الشأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>