للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ﴾ ﴿مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١)﴾.

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ آيةُ الرِّبَا (٢). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿للَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ ﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٣) اشْتَدَّ ذلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ فَأَتَوْهُ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكَمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، قَالَهَا مَرَّتَيْنِ (٤) فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ


(١) ﴿واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ يوم القيامة ﴿ثم توفى فيه كل نفس ما كسبت﴾ من خير وشر ﴿وهم لا يظلمون﴾ بنقص حسنة ولا بزيادة سيئة.
(٢) أي آيات الربا التي هنا آخر ما نزل. وأخرج الطبري من طرق عن ابن عباس: آخر آية أنزلت على النبي ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله﴾ ويجمع بينهما بأن المراد آيات الربا الشاملة لآية ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله﴾ أو المراد آخر آية نزلت آية الربا أي في نوع الربا والله أعلم.
(٣) ﴿لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه﴾ من السوء وخواطره يحاسبكم به الله أي في الآخرة فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير.
(٤) أي ﴿سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير﴾، وقوله: فلما اقترأها القوم أي قرأوها وذلت أي لهجت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها أي عقبها آمن الرسول الآية. وحاصل هذا كله أنه لما نزل قوله تعالى ﴿لله ما في السموات وما في الأرض﴾ الآية دخل في قلوب الأصحاب من الخوف والحزن شيء عظيم فجاءوا لرسول الله وبركوا على الركب وقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيقه كالصلاة والجهاد فقبلناه وقد نزلت عليك ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله﴾ ولا نطيقها. فحذرهم النبي من العصيان كما عصى اليهود والنصارى وأمرهم أن يقولوا ﴿سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير﴾ فقالوها وكرروها فنزل ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون﴾. فلما هدأت نفوسهم واستسلمت لأمر الله تعالى أنزل الله تعالى ناسخًا لتلك الآية ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها =

<<  <  ج: ص:  >  >>