للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَآئِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (١).

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ» (٢). قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: الْبَحِيرَةُ هِيَ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ. وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ. وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ بِأُنثَى ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى لَيْس بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ. وَالْحَامُ فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ فَإِذَا قَضَاهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ (٣). رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَاماً (٤) مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصاً بِالذَّهَبِ فَأَحْلَفَهُمَا


(١) ما جعل الله أي ما شرع الله بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حاميا ولكنه افتراء على الله من الكفار.
(٢) يجر قصبه أي أمعاءه في النار لأنَّهُ أول من سيب السوائب للأصنام فهي بدعة سيئة عليه وزرها إلى يوم القيامة لما سبق في العلم: من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
(٣) فكان المشركون يتقربون إلى الأصنام بهذه الأمور بعضهم بالسائبة وآخر بالوصيلة وبعضهم بالحامي وهكذا فأبطلها الشارع.
(٤) الجام الكأس والمراد هنا إناء من فضة محلى بذهب كالخوص، فتميم الداري قبل إسلامه وهو نصراني كان في الشام يتجر ومعه عدي بن بداء فقدم عليهما مولى للعاصي بن وائل السهمي اسمه بديل بتجارة ومعه ذلك الجام فمرض بديل فأوصى صاحبيه أن يوصلا ما معه إلى أسياده بني سهم ففعلا ولكنهما باعا الجام بألف درهم واقتسماها وأنكراه فلما أسلم تميم وقدم المدينة أظهر الجام ودفع لبني سهم خمسمائة درهم فطلبوا من عدي ما أخذه فأنكر فترافعوا إلى النَّبِيّ فسألهم البينة فلم يجدوا فاستحلفوه خلف فنزلت ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)﴾ إلى آخر الآيات الثلاث، فهذه الآيات تأمر بإشهاد اثنين عند الوصية فإن ظهرت خيانتهما شهد اثنان من أقرب الورثة وثبت لهما ما يدعونه، والكلام على الآيات مبسوط في التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>