للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ وَبِيصاً مِنْ نُورٍ (١) ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ» فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هؤُلَاءِ؟ قَالَ: «هؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ»، فَرَأَى رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هذَا؟ قَالَ: «هذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُدَ» (٢) فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمُرَهُ، قَالَ: «سِتِّينَ سَنَةً»، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمَّا قُضِيَ عُمُرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ: «أَوَ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً»، قَالَ: أَوَ لَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ، قَالَ: «فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذرِّيَّتُهُ وَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هُنَا (٣) وَفِي آخِرِ التَّفْسِيرِ وَزَادَ فِيهِ: «فَلَمَّا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ: إِنَّكَ عَجِلْتَ قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ قَالَ: بَلَى وَلكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكَ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، قَالَ: فَمِنْ يَوْمَئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ» (٤).

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (٥).

• عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَقَالَ: سَمِّيهِ عَبْدَ الْحارِثِ فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحارِثِ فَعَاشَ ذَلِكَ». وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ (٦). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.


(١) الوبيص: البريق والنور.
(٢) وظهور النور بين عيني داود أكثر من غيره لا يستلزم أفضليته على الرسل فإن المزية لا تقتضى الأفضلية.
(٣) بسند حسن.
(٤) فلما نسى آدم أنه أعطى من عمره لولده داود أربعين سنة أمر الله تعالى عباده في المعاملة بينهم بالكتابة والإشهاد قال الله تعالى: ﴿وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد﴾.
(٥) ﴿فلما آتاهما﴾ أي آدم وحواء ﴿صالحا﴾ أي ولدا صالحا ﴿جعلا له شركاء فيما آتاهما﴾ بتسميته عبد الحارث وهو ليس عبدًا إلا لله تعالى.
(٦) فإذا كان إبليس لعنه الله قد لعب دورًا مع أبينا آدم أبي البشر وعاد إلى زوجته الطاهرة النقية أم البشر حواء فكيف لأولادها بالخلاص منه. نسأل الله الستر والتوفيق والرشد والهداية لأقوم طريق آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>