للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ (١) فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ (٢) فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ (٣) فَأَقمْتُ مَنْزِلِي (٤) الَّذِي كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ (٥) فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي. فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي. وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ (٦) حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ (٧) فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ (٨) وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبَيَ ابْنَ

سَلُول (٩) فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ شَهْراً (١٠) وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذلِكَ وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَرَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي (١١) إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ:


(١) فكانت النسوة حين ذاك خفيفات الجسم لأكلهن العلقة أي القليل من الطعام، والمراد إظهار عذر من حملوا هودجها.
(٢) بعد أن سار.
(٣) ليس بها أحد.
(٤) أي قصدت مكاني الذي كنت به.
(٥) فصفوان هذا كان يتأخر عن الجيش حتى يسير ثم ينظر مكانه فإن رأى شيئًا ضل أو سقط منهم أخذه وأدرك الجيش.
(٦) بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(٧) فوطئ على يدها: وضع رجله على ركعة الراحلة فركبتها وقادها. حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة: أي في شدة الحر والشمس في نهاية ارتفاعها.
(٨) تسببوا في هلاكهم من قالوا بالإفك والقذف.
(٩) ابن سلول صفة ثانية لأنه اسم أمه.
(١٠) مرضت شهرا.
(١١) ولكن دخلني وهم من عدم ملاطفة النبي لي وأنا مريضة كعادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>