(٢) ليس المراد أنها جمعت كل أحاديث النبي ﷺ فإن هذا لم يقله أحد فضلًا عن إمام المحدثين النووي، بل المراد أنه ما من موضوع للدنيا والآخرة إلا وحكمه فيها سوى بضعة مواضع، منه ما يأتي في عد التراويح عشرين ركعة، فإني ما وجدته في الأصول ولكني وجدته في موطأ مالك ﵁ فوضعته في التاج تكميلًا للموضوع، ومنه ما يأتي في فضل الحرمين فإني ما وجدت في الأصول شيئًا من زيارة قبر النبي ﷺ إلا حديثًا في أبي داود لا يشفي، فبحثت ونقبت حتى عثرت على بضعة أحاديث في الشفا للقاضي عياض ﵀ فوضعتها في التاج، وكأني ملكت الدنيا وما فيها، ومنه ما يأتي في كتاب النكاح فإني لم أعثر في الأصول على عيوب النكاح التي توجب الفسخ، وكذا لم أعثر على حكم غيبة الزوج. وبعد البحث وجدتها في موطأ مالك فاثبتها تكميلًا للكتاب. (٣) يؤيد هذا ما سبق عن كل إمام من أنه انتقى كتابه من بضع مائة ألف حديث، فقد رأى كل منهم أن في كتابه كفاية لأمر الدنيا والآخرة وإلا زاد، ولا سيما مسلم في قوله: لو اجتمع أهل الحديث وكتبوا فيه مائتي سنة فمدارهم على هذا المسند. وكذا قول أبي داود: لا ترد عليك سنة عن النبي ﷺ إلا وهي فيه فما بالك باجتماع الأصول الخمسة.