للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُنَّا بِصِفِّينَ (١) فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمُشْرِكِينَ وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ (٢) عَلَى البَاطِلِ؟ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي

دِينِنَا (٣) وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَداً فَرَجَعَ مُتَغَيِّظاً فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَداً فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ (٤). رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الْحُدَيْبِيَةِ.

• عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ثَمَانِينَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ جَبِلِ التَّنْعِيمِ


= الحديبية، سبب تلك المبايعة أن النبي وأصحابه أرادوا عمرة فسافروا لملكة فمنعهم المشركون عند الحديبية فبعث النبي لهم رسولا يخبرهم أنهم جاءوا لعمل عمرة وما جاءوا لحرب؛ فقالوا لا يمكن دخولهم مكة، فبعث لهم عثمان فأخبرهم بمرادهم فصمموا على رأيهم بل واحتبسوا عثمان عندهم؛ فلا سمع بهذا النبي بايع المسلمين على حربهم فلما علم الكفار بهذا أرسلوا عثمان وعشرة من المسلمين كانوا بمكة بإذن من النبي .
(١) صفين موضع بجوار الفرات كانت فيه حرب بين معاوية وعليّ فلا أشرف جيش معاوية على الهلاك اتفقوا على أن يرسلوا المصحف إلى عليّ ويطلبوا الصلح على كتاب الله فلما أرسلوا المصحف لعليّ قال: أنا أولى بالإجابة إذا دعيت للعمل بكتاب الله، فكره بعض الجند ونددوا على ذلك؛ فقال سهل ردا عليهم لا تكرهوا الصلح فإننا كرهناه يوم الحديبية وكانت عقباه خيرًا لنا وكان عمر وعلي أكثر الناس كراهة له .
(٢) وهم أي المشركون.
(٣) الدنية أي الخصلة الدنية وهي المصالحة بهذه الشروط الدالة على
العجز وهي: لا يدخلون مكة إلا في العام القابل، ولا يمكثون أكثر من ثلاثة أيام، ولا يكون معهم سلاح إلا السيف والقوس ونحوها، ومن أتاه مسلمًا من المشركين رده إليهم ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه، وهذا كان شديدا على الأصحاب ولكن كانت عاقبته الخير.
(٤) تعلن بأن النبي والمسلمين سينصرون قريبًا على المشركين وسيفتحون مكة المكرمة وكان كذلك فكان وعد الله مفعولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>