للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا سَارَ (١) قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخيْلِ حَتَّى ينْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ (٢) فَحَبَسَهُ الْعبَّاسُ فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ (٣) فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هذِهِ؟ قَالَ هذِهِ غِفَارٌ، قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارٍ (٤). ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ فَقَالَ مِثْلَ ذلِكَ ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ (٥) فَقَالَ مِثْلَ ذلِكَ وَمَرَّتْ سُلَيْمٌ فَقَالَ مِثْلَ ذلِكَ حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَالَ: مَنْ هذِهِ؟ قَالَ: هؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ فَقَالَ سَعْدٌ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْملْحَمَةِ (٦) الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ (٧) فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ (٨) ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ وَرَايَةُ النَّبِيِّ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ (٩) فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: «أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟» قَالَ: مَا قَالَ قالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ وَلكِنْ هذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ (١٠) وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ (١١)» قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) أي النبي قال للعباس وكان أظهر إسلامه حينئذ وسبق في الفضائل فضله هو والزبير وخالد.
(٢) حطم الخيل: ازدحامها وروي خطم الجبل أي أنف الجبل؛ والمراد إيقافه في مضيق حتى يرى الجيش كله واحدا واحدا.
(٣) الكتيبة كقبيلة من الكتب وهو الجمع قطعة من الجيش تجمعهم قرابة أو مخالفة.
(٤) أي ما كان بيني وبينهم حرب.
(٥) المعروف سعد هذيم بالإضافة.
(٦) كالقتلة وزنًا ومعنى.
(٧) يحل القتال في مكة وتقتل كفار قريش لاسيما عظماؤهم كأبي سفيان وصحبه.
(٨) الذمار بالذال: ما يحق على الرجل أن يحميه كقولهم: حامي الذمار؛ وقيل هذا سهو وصوابه الدمار أي الهلاك، ومراده استعطاف العباس ليحميه من القتل.
(٩) وأصحابه من المهاجرين وكانت الأنصار أكثر عددا منهم.
(١٠) بعبادة الله وإظهار الإسلام فيها.
(١١) وروي أن النبي لما مر على أبي سفيان قال أبو سفيان له: يا رسول الله أمرت بقتل قومك، قال: لا، فذكر له قول سعد السالف ثم ناشده الله والرحم أن يعفو عنهم ويرحمهم فقال: يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله قريشًا، ثم أمر النبي بأخذ راية الأنصار من سعد وأمر بإعطائها لولده قيس بن سعد وأرضاهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>