للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب)، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ (١)».

• وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لِأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ (٢) لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ هذَا؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ ياَ رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ (٣)».

• عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ (٤) رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ (٥) فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ» (٦) فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَأَتاَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ (٧) فَقَالَ: «نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ» انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهاَ أُناَسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فاَعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهاَ أَرْضُ سَوْءٍ (٨)


(١) فلما علم الله من عبده أنه لا يعلم له ربا إلا الله تعالى ولا يغفر الذنوب إلا الله وهو دائم على الاعتراف بذلك غفر الله له كل ذنوبه، وفيه أنه لو تكررت الذنوب ولو من غير حصر وتاب عقب كل ذنب قبله الله بل وأحبه لكثرة توبته، قال تعالى ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ وكذا لو تاب مرة واحدة بعد جميع الذنوب قبله الله وعفا عنه لأنه أولى من الكافر الذي يقبله الله إذا أسلم. وفيه أن التوبة فرض عين على كل شخص أذنب في الحال لئلا يفاجئه الموت فتفوته.
(٢) قضى عليه بالعذاب.
(٣) فرجل من السالفين لم يعمل خيرًا قط فلما حضره الموت أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته ويذروا نصفه في البر ونصفه الآخر في البحر فنفذوا وصيته فجمعه الله وأحياه وقال له: لم فعلت هذا؟ قال: خشية منك يا رب؛ فغفر الله له لأنه خاف ربه عند موته ففعل بنفسه ما يراه فوق كل عقاب، وهذا مقيد بمشيئة الله تعالى ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾.
(٤) من الأمم السابقة.
(٥) من عباد النصارى جاهل بالشرع الشريف.
(٦) بريد السائل نفسه.
(٧) لا يحول بينك وبين التوبة شيء فهي مقبولة، وفيه دليل على أن الله يقبل توبة القاتل ولو عمدا وهذا بإجماع السلف والخلف إلا ابن عباس كما سبق في الحدود.
(٨) فيه أنه ينبغي مفارقة الأرض التي عصا فيها ولعله كان واجبًا في شرعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>