للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاَنْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيق (١) أَتاَهُ الْمَوْتُ (٢) فاَخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ (٣) فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تاَئِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (٤) وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتاَهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيَ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (٥) فَقَالَ: «قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَ رضينِ فَإِلَى أَيِّهِماَ كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقاَسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ (٦) فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ» (٧)، رَوَى هذِهِ الثَّلَاثَةَ الشَّيْخَانِ (٨).

• عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ حَدِيثًا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ مَرَّاتٍ (٩) سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ (١٠) فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطاهَا سِتِّينَ دِيناَرًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهاَ مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ (١١) وَبَكَتْ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ؟ قَالَتْ لَا، وَلكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ وَمَا حَمَلِني عَلَيْهِ إِلا الْحَاجَةُ فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هذَا وَمَا فَعَلْتُهُ، اذْهَبِي فَهِيَ لَكِ (١٢) وَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَعْصِي اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا فَماَتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى باَبِهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ (١٣)»، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (١٤).


(١) كان في نصف الطريق الذي بين البلدين.
(٢) حضرته الوفاة.
(٣) المكلفون بتشييع كل إنسان حين موته.
(٤) فهو لنا ونحن أولى به.
(٥) حكما بينهم فسمع من كل فريق دعواه. قيل إن هذا: هو جبريل فحكم بينهم بما ذكر.
(٦) الذهاب لها وهي أرض العابدين، ولمسلم: أنه لما سمع هذا الحكم - ناء بصدره - نهض بجسمه ليقرب من القرية الصالحة، وروى أن الله تعالى أوحى إلى هذه أن تباعدي وهذه أن تقربي قيل فوجدوه زائدا عن نصف الطريق بشبر واحد فتولته ملائكة الرحمة.
(٧) فلما سمع المذنب فتوى العالم وهجر بلده وسافر إلى عباد الله تائبًا إلى الله تعالى قبله الله بواسع رحمته جل وعلا وتنزه عن مشابهة الورى.
(٨) ولكن مسلم هنا والبخاري في بدء الخلق.
(٩) كرره في عدة مجالس لينتشر في عباد الله ترغيبًا في سعة رحمة الله تعالى.
(١٠) ليس هذا بذي الكفل المذكور في سورة الأنعام فإنه رسول معصوم.
(١١) اضطربت وبكت خوفا وخشية من الله تعالى.
(١٢) فهي أي الدنانير خالصة لك ولن أمسك بسوء.
(١٣) فلما خاف ربه ومنع هواه وجاهد نفسه في هذا المقام العظيم وتاب وأناب إلى الله، قبله الله وغفر له وإن لم يعمل صالحا كالرجلين اللذين في الحديث قبله، نسأل الله أن يحشرنا في زمرة الصالحين آمين والحمد لله رب العالمين.
(١٤) في الرقائق بسند حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>