للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ ياَ عُمَرُ»؟ قَالَ: الْجُوعُ ياَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ««وَأَناَ قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذلِكَ فاَنْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهاَنِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَلَمْ يَجِدُوهُ (١)» فَقاَلُوا لِامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ (٢) فَقَالَتِ انْطَلَقَ يَسْتعْذِبُ لَناَ الْماَءَ فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهاَ فَوَضَعَهاَ (٣) ثُمَّ جَاءَ يَلْتَزِمُ النَّبِيَّ وَيفْدِيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ (٤) ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى حَدِيقَتِهِ فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا (٥) ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلِهِ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ (٦) فَقَالَ النبِيُّ : «أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَناَ مِنْ رُطَبِهِ (٧)» فَقَالَ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ (٨) فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذلِكَ الْماَءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيم الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِياَمَةِ ظِلٌّ باَرِدٌ وَرُطَبٌ وَمَاءٌ باَرِدٌ» فاَنْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعاَمًا، فَقَالَ النَّبِيُّ : «لا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرَ (٩) فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقاً أَوْ جَدْياً (١٠)» فَأَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا فَقَال النَّبِيِّ : «هَلْ لَكَ خَادِمٌ طيِّبٌ»؟ قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَتاَناَ سَبْيٌ فَأْتِناَ» فَأُتِيَ النَّبِيُّ بِرَأْسَيْنِ لَيْسَ مَعَهُماَ ثاَلِثٌ (١١) فَأَتاَهُ أَبُو الْهْيثَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ : «اخْتَرْ مِنْهُماَ» فَقَالَ: ياَ نَبِيَّ اللهِ اخْتَرْ لِي فَقاَلَ النَّبِيُّ : «إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ خذْ هذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا» (١٢) فاَنْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَى أَمرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَتْ: مَا أَنْتَ بِباَلِغِ مَا قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ حَتَّى تُعْتِقَهُ (١٣) فَقَالَ: هُوَ


(١) كثير الشياه والنخيل ومن أهل اليسار.
(٢) أي زوجك.
(٣) يستعذب الماء يأتينا بماء عذب، زعبها أي يحملها.
(٤) يلتزمه أي يعانقه، ويفديه أي يقول له أفديك بأبي وأمي.
(٥) يجلسون عليه.
(٦) القنو: غصن النخلة عليه الرطب.
(٧) جمعت لنا رطبه.
(٨) أردت أن تختاروا منه بأنفسكم.
(٩) أي ذات لبن.
(١٠) العناق: أنثى المعز قبل إتمامها سنة، والجدى. ذكر المعز قبل السنة أيضا.
(١١) برقيقين فقط.
(١٢) أوص امرأتك عليه.
(١٣) فلا تكون عاملا بوصية النبي إلا إذا أعتقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>