للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذُو شَارَةٍ (١) فَقَالَتِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ فَتَرَكَ ثَدْيَهاَ وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ وَقاَلَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهاَ يَمُصُّهُ، قاَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ يَمُصُّ أُصْبُعَهُ (٢) ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقاَلَتِ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هذِهِ (٣) فَتَرَكَ ثَدْيَهاَ فقاَلَ: اللَّهُمَّ اجْعَلِني مِثْلَهاَ، فَقاَلَتْ لَهُ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقاَلَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَة وَهذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ لَهاَ سَرَقَتْ زَنَتْ وَلَمْ تَفْعَلْ (٤)»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٥) وَأَحْمَدُ.

• وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَمْ يَتَكَلْم فِي الْمَهْدِ إِلا عِيسَى وَشَاهِدُ يُوسُفَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعَوْنَ (٦)»، رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ الْقِصَصِ


= فطلبت منه أن يواقعها فأبى خوفا من الله تعالى، فذهبت لراعي غنم فواقعها فحملت فولدت غلاما فسألوها فقالت من جريج العابد، فجاءوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى وتضرع إلى ربه أن يبرئه ثم ذهب للغلام على كتف الزانية فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: فلان الراعي، فصاروا يعتذرون له وقالوا: هل نبنى لك صومعتك من ذهب أدبا لنا وإرضاء لك؟ قال: لا، إلا من طين كما كانت. ففيه دليل على جواز الكرامة من الأولياء ووقوعها بطلبهم واختيارهم كما هو مذهب أهل الحق، وأقوى دليل على هذا ما حصل على يد صاحب سليمان بقوله: ﴿آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾.
(١) صاحب هيئة وشكل حسن يشار إليه.
(٢) يعمل كعمل الصبي.
(٣) لأن الناس يضربونها ويسبونها.
(٤) وفي رواية: سرقت زنيت بالخطاب لها ولم تفعل شيئا من هذا لأنها بريئة، فالطفل الأول نطق ببراءة جريج كرامة له، ولتقواه أنجاه الله. والطفل الثاني نطق بغبط تلك المرأة المهانة براءة وكرامة لها.
(٥) ولكن في بدء الخلق.
(٦) وهذه تزيد على الرواية التي قبلها بشاهد يوسف وإن الماشطة فيكون الكل خمسة بل أوصلها بعضهم إلى أربعة عشر جمعها السيوطي في قوله:
تكلم في المهد النبي محمد … ويحيى وعيسى والخليل ومريم
ومبري جريج ثم شاهد يوسف … وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم
وطفل عليه مرّ بالأمة التي … يقال لها تزني ولا تتكلم
وماشطة في عهد فرعون طفلها … وفي زمن الهادي المبارك يختم
وزد لهم نوحا ويوسف بعده … ويتلوهم موسى الكليم المعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>