سبب المس وعلاجه قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد: الصرع نوعان: نوع من الأرواح الخبيثة الأرضية، ونوع من الأخلاط الرديئة أي أو المرض أو الحزن الذي أثر في القوة الفكرة وهذا ما يتكلم الأطباء في سببه وعلاجه، وأما الأول فسببه غالبًا خراب الباطن من نور الإيمان والأذكار والتعوذات النبوية فتجد الروح الخبيثة ذلك البدن أعزل لا سلاح معه وربما كان عريانا فتحل فيه فتؤذيه، ومع هذا فالمنظور من الخبيث فعل الشر مع كل مخلوق أينما حل كالحية والعقرب يلدغان من غير سبب، نسأل الله السلامة آمين. وأما علاجه فيكون بمقابلة الأرواح الشريفة العلوية الخيرة لتلك الأرواح الخبيثة فتدافع آثارها وتعارضها تبطلها، وعلى المريض أن يلجأ إلى ربه ويكثر من التعوذ بصيغة من التعوذات السالفة في كتاب الأذكار، وأن يكثر من قوله ﴿رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون﴾ وأما المعالج فإنه يجب أن يكون قوى الإيمان حسن التوكل على الله تعالى ويسلك في طريق محاربته ما راه قاهرًا له فربما طرد المارد بمجرد الأمر كما حصل من النبي ﷺ في الحديثين السالفين بقوله: اخرج يا عدو الله، وكما وقع من الإمام أحمد فإنه كان جالسا في مسجده إذ جاءه صاحب له من قبل الخليفة المتوكل فقال: إن في بيت أمير المؤمنين جارية بها صرع وقد أرسلني إليك لتدعو الله لها بالعافية فأعطاه الإمام أحمد نعلين من الخشب وقال: اذهب إلى دار أمير المؤمنين واجلس عند رأس الجارية وقل للجني قال لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين، فذهب الرجل ومعه النعل إلى الجارية وجلس عند رأسها وقال كما قال له الإمام أحمد؛ فقال المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة لأحمد، لو أمرنا أن نخرج من العراق لخرجنا منه، إنه أطاع الله ومن أطاع الله أطاعه كل شيء ثم خرج من الجارية فهدأت ورزقت أولادًا، فلما مات الإمام عاد لها المارد فاستدعى لها الأمير صاحبها من أصحاب أحمد خضر ومعه ذلك النعل وقال للمارد: اخرج وإلا ضربتك بهذه النعل؟ فقال المارد: لا أطيعك ولا أخرج أما أحمد بن حنبل فإنه أطاع الله فأمرنا بطاعته، ا هـ من آكام المرجان بتصرف، وكان بعض خيار العلماء ﵃ يعالج بآية الكرسي والمعوذتين وآية ﴿أم حسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾، وبعضهم كان يعالج بالبسملة والفاتحة ويظهر أن أقواها تأثيرًا آية الكرسي لقول الجنية لأبي أيوب الأنصاري السابق في فضل آية الكرسي: اقرأ آية الكرسي في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره، ويمكن العلاج بتلاوة الآيات التي وردت في فضلها الأحاديث وهي الفاتحة وآية الكرسي وأواخر البقرة، ﴿قل اللهم مالك الملك﴾ الآيتان، و ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ الآيتان، و ﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل﴾ إلى آخر سورة الحشر، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص والمعوذتان، والمدار على قوة العزيمة من المعالج والالتجاء وحسن التوكل على الله تعالى فإنه وحده هو الشافي، نسأل الله كمال الإيمان وتمام الشفاء آمين.