للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ فَيَقُولُونَ: عَطِشْناَ ياَ رَبَّناَ فاَسْقِناَ قَالَ: فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَّ تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهاَ سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهاَ بَعْضاً فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ بَرَ وَفاَجِرٍ أَتاَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهاَ (١) قَالَ: فَماَذَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قاَلُوا: ياَ رَبَّنَا فاَرَقْناَ النَّاسَ فِي الدُّنْياَ أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ (٢) فَيَقُولُ: أَناَ رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ (٣) فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهاَ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقاَءً وَرِياَءً إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً كُلَّماَ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفاَهُ (٤) ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةِ (٥) فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ (٦) وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ (٧) فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ» قِيلَ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: «دَحْضٌ مَزَلَّةٌ (٨) فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ (٩) وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ (١٠)


(١) تجلى لهم بصورة غير التي يعرفونها أو ملك من قبل الله تعالى.
(٢) هذا تضرع إلى الله في كشف الشدة عنهم فإنهم لزموا طاعته في الدنيا وفارقوا من لم يكونوا على طاعته وهم أحوج إليهم لمساعدتهم في دنياهم كما حصل الفقراء المهاجرين والمؤمنين في الدنيا.
(٣) أي عن دينه ويرجع عنه لشدة الهول.
(٤) يكشف عن ساق: هذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر كقولهم قامت الحرب على ساقها، والمراد هنا كشف الشدة؛ ومنه قوله تعالى ﴿يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون﴾ الآية.
(٥) تجلى لهم بصفات الألوهية الحقة.
(٦) يوضع الصراط على النار، قال أبو سعيد: بلغنا أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السيف وورد أن مسافته ألف سنة صعودا وألف سنة هبوطا وألف سنة استواء وهذا لبعض الناس فهو يكون لكل واحد بقدر عمله.
(٧) يحضر وقتها فيأذن الله فيها.
(٨) معناهما واحد وهو الشيء الذي لا تستقر فيه الأقدام.
(٩) خطاطيف جمع خطاف، وكلاليب جمع كلوب، وهو والخطاف: حديدة معوجة الرأس.
(١٠) وفيه نبت ذو شوك كالسعدان الذي تأكله الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>