للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ وَيْلَكَ، ياَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ (١) فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ (٢) فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ فَيُقَدِّمُهُ إِلَى باَبِ الْجَنَّةِ فَإِذَا قَامَ عَلَى باَبِ الْجَنَّةِ انْفَقَهَتْ لَهُ الْجَنَّةُ (٣) فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّة فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ وَيْلَكَ ياَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ (٤) فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَإِذَا دَخَلَهاَ قاَلَ اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ (٥) فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا (٦) حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ (٧) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ذلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ (٨)، وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ جَالِسًا حِينَ حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِهذَا فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولَ اللَّهِ قَوْلَهُ: ذلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلا قَوْلَهُ: ذلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ.


(١) ما أكثر نقضك للعهد، لم يغضب الرحمن عليه من تكرر نقضه للعهد، لعلمه بنفاد صبره وطمعه في رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء فكان ربه عند ظنه جل شأنه وعلا.
(٢) ذلك وهو قربك للجنة.
(٣) انفتحت واتسعت فظهر حسنها وجمالها.
(٤) المراد بالضحك لازمه وهو الرضا وإرادة الإحسان وإلا فمولانا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
(٥) اطلب ما تشاء.
(٦) اطلب من كذا ومن كذا من أنواع نعيم الجنة التي لم يعرفها ولم يسمع بها.
(٧) طلب من أنواع النعيم وأعطى منها مطلوبه.
(٨) ولا تعارض بينهما لاحتمال أن النبي أعلم بالقليل أولا فأخبر به ثم أعلم بالكثير فأخبر به وسمعه أبو سعيد فقط، فانظر أيها القارئ اللبيب وتأمل معي في هذا الكرم الإلهي العظيم الواسع الذي لا يقدر عليه إلا رب العالمين الذي وسع إحسانه وحده وكرمه البر والفاجر من خلقه. جل شأن ربنا وعلا، وحق علينا له دائما كل حمد وثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>