للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ (١) فَصَامَ حتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ (٢) وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ يَتَّبِعُونَ الأَحْدَثَ فَالأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ (٣).

وَفِي رِوَايَةٍ: خَرَجَ النَّبِيُّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى فِيهِ لِيرَاهُ النَّاسُ فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ وَذلِكَ فِي رَمَضَانَ (٤) فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَفطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ.

وَقَالَ أَنَسٌ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَحَسَنٌ، وَمَنْ وَجَدَ ضَعْفاً فَأَفْطَرَ فَحَسَنٌ (٥). رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ.

• عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ:


= عليه الصوم فله الفطر وعليه القضاء بعدد الأيام التي أفطرها بعد شفائه، وبعد إقامته تخفيفا ورحمة من الله تعالى بالمسلمين، والمرض الذي يباح له الفطر هو ما يشق معه الصوم كما عليه الجمهور، أو مطلق المرض ولو خفيفا كوجع الإصبع، وعليه بعضهم لإطلاق المرض في الآية، والفطر للمسافر رخصة لحديث مسلم عن حمزة الأسلمي أنه قال: يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل على جناح؛ قال: هي رخصة من الله فمن أخذ بها حسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.
(١) عام فتح مكة.
(٢) الكديد كالحديد: عين ماء في طريق المدينة إلى مكة على مرحلتين منها.
(٣) أي المتأخر من فعله إذا علموه ناسخًا أو راجحًا مع جواز الأمرين، وإلا فلا لأنه فعل غير الأكمل لبيان الجواز كالبول قائمًا.
(٤) عسفان بضم فسكون: قرية جامعة على مرحلتين من مكة، والكديد التي مرت، والقديد، وكراع الغميم في بعض الروايات من أعمال عسفان، فلا اختلاف بينها لأن الكل في قضية واحدة وهي السفر لفتح مكة.
(٥) فمعنى ما تقدم أن النبي خرج في رمضان مع أصحابه الكرام إلى فتح مكة. فلما وصل إلى الكديد ورأى ما هم عليه من الضعف وهم قادمون على جهاد أفطر وأفطروا حتى بلغه أن قومًا لم يفطروا، فقال: أولئك العصاة، لعدم قبول الرخصة التي رخصها الله لهم، وكان صائمهم لا يعيب مفطرهم ولا عكسه، بل من وجد في نفسه قوة على الصوم فصام ففعله حسن، ومن أفطر لضعفه ففطره حسن، وهذا هو ميزان الطريقة المثلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>