للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا هَذا؟ قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ (١)». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

• عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ في سَفَرٍ فَصَامَ بَعْضٌ وَأَفْطَرَ بَعْضٌ فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ وَعَمِلُوا (٢) وَضَعُفَ الصُّوَّامُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ (٣)». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ (٤). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَخْرُجُ إِلَى الْغَابَةِ فَلَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ (٥). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٦).


(١) فالنبي كان مسافرًا فرأى قومًا مزدحمين على رجل ينظرونه، فسأل ما هذا؟ فقالوا: هذا قيس العامري، ويلقب بأبي إسرائيل وقد غشي عليه من الحر والعطش لأنه صائم وهو مسافر. فقال ليس من البر - أي الطاعة - الصوم في السفر لمن لا يطيقه، بل يكره صومه والفطر أفضل، وإلا فالصوم البراءة الذمة.
(٢) أي العمل اللازم للركب من نصب الخيام وجلب الماء وسقيه ونحوها.
(٣) فازوا بالأجر العظيم لخدمة المجاهدين في الحر الشديد، فخازوا رضاء الله ورسوله، وما يأتي في تحديد المسافة التي تبيح الفطر للصائم.
(٤) فكان ابن عمر وابن عباس يقصران الصلاة ويفطران في رمضان إذا كانت مسافة السفر أربعة برد، جمع بريد وتقدم معناه وبيان المسافة، في صلاة السفر، وهي مرحلتان بسير الأثقال أي سفر يومين تقريبًا بالإبل المثقلة بالأحمال، فلا ضرر في نقصها ميلين مثلا، وعليه الجمهور سلفًا وخلفًا والأئمة الثلاثة، وقال الحنفية والكوفيون: مسافة القصر والفطر قدرها ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة، ويكفي أن يسافر فيها من الصباح إلى الزوال بسير الإبل والمشي على الأقدام. وهي في قطرنا كمن مصر إلى طنطا برًّا كانت أو بحرا أو هواء، ولكن الصوم أفضل إذا لم تنله مشقة لفضيلة الوقت ولبراءة الذمة، وتقدير المسافة بأربعة برد هي للذهاب فقط، وفي المسافة أقوال أخرى منها ثلاثة أميال، لحديث أنس السابق في صلاة السفر، قال النووي في الفتح: وهو أصح حديث ورد في هذا وأصرحه، ومنها أن أقل المسافة بيوم وليلة، ومنها أن أقلها ميل لحديث صحيح لابن أبي شيبة بهذا، ولإطلاق السفر في الآية وعلى هذا ابن حزم اه شوكاني في صلاة السفر.
(٥) الغاية موضع بعوالى المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة على بريد منها.
(٦) بسند صالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>