للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذلِكَ قَالَ مِثْلَ هذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا (١) حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً (٢) فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه أَلِعَامِنَا هذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ (٣) فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لأَبَدِ أَبَدٍ».

وَقَدِمَ عَلَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَاباً صَبِيغاً (٤) وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بهذَا (٥). قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَرِّشاً عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِياً لِرَسُولِ اللَّهِ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ (٦)»؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ قَالَ: «فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلَّ» قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ (٧) الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَي بِهِ النَّبِيُّ مِائَةً قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلا النَّبِيَّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا


(١) من استقبال الكعبة والتوحيد يتخلله الدعاء.
(٢) أي لو أمكنني استدراك ما فات أو لو ظهر لي قبل الآن ما ظهر لي الآن ما سقت هديا وعملت العمرة أولا لأتمتع بمحظور الإحرام قبل الحج ولنفي ما يزعمه الناس من قبحها في أشهره وتطييبًا لقلب من لم يهد من الأصحاب، ولا منافاة بين ما هنا وبين ما تقدم في القران من الحديث القائل: وقل عمرة في حجة، فإن هذا إباحة لها بعد حظرها.
(٣) أي هل فسخ الحج إلى عمرة وجوازها في شهره خاص بعامنا فقط أم دائما؟ فأجابه بالثاني وأكده بتشبيك أصابعه وتكرير الجواب مرتين؛ وقوله: لا بل لأبد أبد أي ليس جوازها خاصًا بهذا العام بل للأبد.
(٤) أي بالورس ونحوه مما لا يجوز للمحرم.
(٥) أي مع من أمرهم بالتمتع.
(٦) أي نويته.
(٧) أي جملته.

<<  <  ج: ص:  >  >>