للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَا (١) وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَا وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ (٢) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «بَخْ ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ (٣) قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ (٤). رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ.

• عَنِ ابْنِ عَمُرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ يَسْتَأُمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تأْمُرُنِي بِهِ (٥)؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا (٦)» فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُبْتَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ (٧) قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفي الرِّقَاب وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ


(١) بيرحا بفتح أوله وثالثه وبضمه مقصورًا وممدودًا هو بستان من نخيل بجوار المسجد الحرام وكان النبي يدخله فيستظل بظله ويشرب من ماء بئره الحلو.
(٢) أي تصرف فيها كما تشاء.
(٣) بخ بفتح فسكون تفخيم لعمله وإعجاب به.
(٤) وفي رواية: فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب أي وغيرهما من أقاربه الفقراء، أي أوقفها وقسمها عليهم كما أشار عليه النبي ، وهذا هو الوقف الأهلى وهو جائز باتفاق.
(٥) قوله يستأمره أي يستشيره وينتظر أمره.
(٦) قوله حبست أصلها من التحبيس وهو الوقف، أي إن أردت أوقفت أصلها وتصدقت بريعها فإن التصدق بالريع فقط، وأما الأصل فهو باق على ملك الواقف.
(٧) قوله أنه: الضمير للمال الموقوف أو للشأن، وقوله ولا يبتاع أي لا يشترى، وهو بيان للتحبيس، وهو من كلام النبي كما في رواية البخاري في الوصية، وزاد في رواية: حبيس ما دامت السموات والأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>