للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عداوة الشيطان]

قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} [فاطر:٦]، هذا الشيطان الذي يدعو كل واحد فينا، والله ما فينا أحد ما دعاه الشيطان، أنتَ وأنتِ، ومن يسمع ومن تسمع، كلٌ دعاه الشيطان، إما في ليل أو في نهار، أو في ظلمة أو في ضوء، أو في صيف أو في شتاء دعاه الشيطان، ومنا من لا يزال الشيطان يدعوه، ولكن الشيطان -كما تعلمون- خذول، الشيطان يخذل أصحابه؛ لأن الشيطان حينما يتحاجون في النار يقف خطيباً على أهل النار ويكلمهم، قال جل وعلا: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم:٢٢]، الشيطان يأتي ويعترف، عدونا يأتي يوم القيامة ويعترف، ويجلس خطيباً عند أهل النار ويقول: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم:٢٢].

ولماذا نطيع الشيطان؟ والله يخبرنا أنه سيقف ويقول لمن تبعه، ويقول لمن انقاد معه، ويقول لمن وافقه: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [إبراهيم:٢٢]، والله ما جررت أحداً بحبل حتى أخرجته من المسجد، أو أجلسته في فراشه حتى لا يصلي الفجر مع الجماعة، أو أرغمته حتى يشتري شريط الغناء، أو سقته حتى يتفرج على فيلم الفيديو، أو سحبته حتى يساهم في بنك ربوي: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم:٢٢]، مجرد أن عرضت صورة وزينتها في مخيلتكم؛ فقبلتموها وأتيتم إليها، وسعيتم حثيثاً نحوها، نغمة اجتهدتم في طلبها ورددتموها وسمعتموها، وضيعتم كتاب الله من أجلها، يقول الشيطان: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} [إبراهيم:٢٢]، وكفى أن هذا الوعد وعد الحق {وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ} [إبراهيم:٢٢] لا أنقذ أحداً أبداً، هكذا شأن الشيطان {قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر:١٦]، لكن متى؟ عندما يقع الفأس في الرأس كما يقال، بعد أن يقع المحذور، وينتهي المقدور، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.