للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمل الدائب للآخرة]

أيها الأحبة: ومن صفات أهل الآخرة أن ترى عملهم للآخرة دائباً {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ} [الأنعام:١٦٢] البداية {وَمَمَاتِي} [الأنعام:١٦٢] النهاية {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:١٦٢].

{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣] هكذا تكون صفات أهل هم الآخرة، العمل الدائب الذي لا ينقطع، وليس للاستقامة والعبادة والعلم والدعوة والتعليم تاريخ صلاحية، أن يقول شاب أو رجل التزم عشر سنوات، أو أطلب العلم عشر سنوات، أو علم عشر سنوات، فينتهي الأمر، بل مع المحبرة إلى المقبرة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩].

ومع هذا العمل الدائب وجلٌ وقلقٌ وخوفٌ رجاءَ أن يُقبَل العمل، وخشية أن يرد العمل لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:٦٠] وجاء في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة حول هذه الآية: (أولئك الذين يصومون ويتصدقون ويقومون الليل وقلوبهم وجلة يخافون ألا يقبل منهم).

أيها الأحبة: إن الحزن الذي هو من علامات وصفات أهل هم الآخرة، ليس الحزن الذي يقبع بهم في السراديب أو ينزوي بهم في الأقبية أو يعزلهم عن الناس، بل هو الحزن على فوات الخير الذي ينقلب تشميراً وجداً في طلب الخير والسعي إليه والدعوة والعبادة، وحينئذ يكون الحزن للآخرة سعادة تنعكس على العبد بإذن الله.