للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهادة الملائكة]

أما الشاهد الثاني: فهم الملائكة -يا عباد الله! - إن الله جل وعلا جعل عليكم ملائكة حافظين، كراماً كاتبين، يكتبون كل أعمالكم وكل تصرفاتكم وحركاتكم، وسنجد هذا يوم العرض الأكبر على الله، يوم لا تخفى من العباد خافية، كل صغيرة وكبيرة مسطورة في الكتاب، كل دقيق وجليل مقيد في هذه الصحائف والسجلات: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:٤٧]، ويقول جل وعلا: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩] فالملائكة شهود عليكم يا عباد الله! يقول الله جل وعلا: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ} [الانفطار:١٠ - ١١]، ويقول جل وعلا: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} [ق:١٧ - ١٨] ليس الأمر عند حد الفعال، ليس الأمر عند حد الحركات والتصرفات، بل الأقوال محسوبة مكتوبة: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨]، ويقول جل وعلا: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام:٦١] فهل بعد علم عبد من عباد الله أن الله شهيد شاهد مطلع على أعماله، وأن الملائكة كاتبة للدقيق والجليل من أفعاله، يتجاهل أمر ربه؟! أم ينسى زواجر خالقه؟! أم يتغافل عما أوجب الله عليه؟! حاشا وكلا يا عباد الله، ولكن المعصية تأتي إلى العباد في حين غفلة عن مراقبة هؤلاء الشهود.