للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حماية النبي لأصحابة من الشرك]

أيها الأحبة! إن المتأمل في نصوص السنة يدرك أن خطر التعلق بغير الله حتى ولو كان تعلقاً فيه أدنى شبهه يفضي إلى الشرك بل قد يكون شركاً أعظم، فعن أبي واقد الليثي -والحديث في الصحيح- قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عليها، وينوطون -أي يعلقون بها أسلحتهم- فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط!) أراد الصحابة فقط، أراد أولئك الذين كانوا حديثي عهد بكفر، أرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم شجرة يعلقون بها سيوفهم لاعتقادهم النفع فيها، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لقد قلتم كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ((اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)) [الأعراف:١٣٨]).

وهؤلاء تكون أعمالهم كما قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣] إن أعمال كثير من الناس في عددها قد تكون أكثر من عمل بعض الصحابة والتابعين، أقول في عددها لكن أعمال كثير من الصحابة والتابعين على قلتها فيها من التعظيم، وفيها من الإخلاص، وفيها السلامة من الشرك، وفيها التعلق بالله، وفيها التوحيد النقي الخالص الذي لا يتطرق إليه ذرة أو شعيرة أو قليل أو كثير من التعلق بغير الله سبحانه، فحينئذٍ بفضل الله وبرحمة الله نفعتهم أعمالهم، وكثير من العباد قد يحبط عمله وهو لا يدري، بل كان الصحابة يتعلقون بالله ويرجون الله ويخشون مع أعمالهم ولا يدلون بها على الله، يخشون من عذاب الله.