للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما ينفع المرء بعد موته]

إن الذي ينفعنا بعد موتنا أن نعمل عملاً صالحاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة: (إذا مات الإنسان انقطع عمله) ستنقطع هذه الأعمال بحلول المنايا والرحيل والآجال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له) وقال الإمام النووي: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الإنسان ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سبباً فيه، أي: الولد والصدقة والعلم، فإن الولد من كسبه، وكذلك العمل الذي خلفه من تعليمٍ وتصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، وهي في الوقف، وإن مما ينفعك بعد موتك وما بعد الرحيل ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث قتادة: (خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث ولدٌ صالح يدعو له، وصدقةٌ تجري يبلغه أجرها، وعلمٌ يعمل به من بعده) رواه ابن حبان، وقال صلى الله عليه وسلم (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته) رواه ابن ماجة وابن خزيمة.

أيها الأحبة! ما دام الواحد كما أخبر صلى الله عليه وسلم ينتقل من هذه الدنيا ويتبعه ثلاثة ماله وولده وعمله، فيرجع المال والولد، ولا يبقى إلا العمل، فعلينا أن نخلص لأنفسنا.

قبل أن تكون مخلصاً لأصدقائك، وقبل أن تكوني مخلصة لصديقاتك، فلنري أنفسنا الإخلاص لأنفسنا، ولننقذ أنفسنا قبل أن ننفع غيرنا، ولنسع في فكاك رقابنا من النار قبل أن نفزع لغيرنا من الخلق، ألا وإن كل واحدٍ منا على خطر، فلنبادر بأن نقدم لهذه الأنفس عملاً صالحا قبل أن يأتي يومٌ لا يجزي والدٌ عن ولده، ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً.

مضى ما مضى، وانقضى ما انقضى، وبقينا فيما نستقبل

فات ما فات والمؤمل غيبٌ ولك الساعة التي أنت فيها

إذا كنا أمضينا بالأمس في إساءة ومعصية.

فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة فثنِّ بإحسانٍ وأنت حميد