للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين توكل أولي الألباب وبين الأخذ بالأسباب]

السؤال

ما الفرق بين توكل أولي الألباب وبين الأخذ بالأسباب، ونرى من يعيب على الذين اشتروا أكياس الرز والسكر أليس هذا من الأخذ بالأسباب؟

الجواب

لا منافاة بين التوكل وفعل الأسباب، فترك الأسباب عجز، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) وقال أهل العلم: إن تعطيل الأسباب بالكلية قدح في الشرع، فالشرع جاء بالندب والأمر بالأسباب، بل من الأخذ بالأسباب ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو مباح، أما التوكل فحقيقته اعتماد القلب عليه سبحانه وتعالى وتفويض الأمر إليه، وذلك باعتقاد أن الخير بيده، وأنه سبحانه وتعالى لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، للتحقق بذلك، وأن الأسباب ما هي إلا أسباب، والله تعالى هو خالق الأسباب والمسببات، فتأثير الأسباب في مسبباتها بإذن الله، فهو خالق الأسباب، وهو الذي يجعل الأسباب مؤثرة في حصول مسبباتها، إذاً فعل الأسباب يمارس بمقتضى الشرع والطبع، والأسباب المباحة، والتوكل على الله هو مقتضى الإيمان بالله وبكمال ربوبيته.

وأما المسألة الجزئية التي ذكرها السائل وهي أن من الناس ما إن سمع بأحداث الكويت حتى هرع يشتري حوائجه تحسباً للمستقبل، فأرجو أن هذا من فعل الأسباب وأنه لا بأس به، إذا خاف الإنسان أن الماء يتوقف وظهرت بوادر ذلك فلا مانع أن يملأ خزانه إذا تيسر، لكن بدون أن يعتمد على هذا السبب، وبدون أن يكون هناك لهف ولهث وانفعال واضطراب ولكن بهدوء، فمن ذهب واشترى له حاجات وادخرها وهو متوكل على ربه بدون أن يتحمل في هذا السبيل المشاق بالمزاحمة، ويظهر عليه الانفعال، أو يكون عنده شيء من الاعتماد القلبي على هذا السبب، وأن هذه المشتروات ستكون أماناً له، لأنه يمكن أن يحدث له من الأسباب مثل أن يموت ولا ينتفع بها، قد يحدث من الأسباب ما ينفره عنها حتى يتركها، فالإنسان يفعل الأسباب بهدوء بال وطمأنينة وتوكل على الله.

والله أعلم.