للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المحافظة على الاستقامة بعد سماع المواعظ]

السؤال

كيف أحافظ على حالة الاستقامة التي أشعر بها بعد سماع المواعظ؟

الجواب

تحافظ عليها إذا أكرمت نفسك ونزهتها عن أن تسقط بها في حضيض مجالس اللهو والغفلة، وكنت دائماً في وسط نافع يذكرك بالله إذا نسيت، ويعينك على طاعة الله إذا تذكرت، فهذا يحقق لك بإذن الله، ومن معتقد أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، لكني أنصح بنصيحة هي من ضمن الأعمال الصالحة التي يزداد بها الإيمان، لكنها -بإذن الله- فيها خير، وهي كثرة الاستغفار وذكر الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة أو تمحى عنه ألف سيئة؟ قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: يسبح الله مائة تسبيحة، فتكتب له مائة حسنة، أو تمحى عنه ألف سيئة).

وقال صلى الله عليه سلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة؛ كان كمن أعتق عشر رقاب، وكانت حرزاً له من الشيطان سائر يومه ذلك).

دائماً عود نفسك على الذكر والاستغفار مع الشهيق والزفير: لا إله إلا الله لا إله إلا الله أستغفر الله أستغفر الله حتى لو اقتضى الأمر أن تأخذ سبحة وتسبح بها، فهذا ليس ببدعة كما يظن بعض الناس، فقد سمعت سماحة الشيخ العلامة الإمام محمد بن صالح بن عثيمين سئل في (نور على الدرب) عن رجل يقول: أنا أستخدم سبحة فيها عدد خمسمائة حبة -انظر هذه سبحة طويلة! - من أجل ضبط التسبيح، يريد أن تكون مثلاً كل مائة تسبيحة مائة تهليلة، يريد أن يضبط العدد؛ فقال الشيخ: إذا كان الإنسان يستخدم السبحة لضبط العدد ليس لقصد الاعتقاد أن السبحة فيها مزية وفضيلة فهذا لا بأس به، لكن يراعى في ذلك أن الإنسان ربما يفتح عليه باب أنه يسبح أمام الناس بسبحة فيدخله الرياء، ولو عود نفسه دائماً أن يسبح في نفسه لكان أفضل، والتسبيح بالأنامل أفضل، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من الصحابيات إحدى أمهات المؤمنين معها مكتل أو زنبيل فيه حصى، فقال: ما تفعلين به؟ قالت: أعد به التسبيح يا رسول الله! فما أنكر عليها ذلك، ولكنه أرشدها إلى التسبيح بالأنامل فقال: (إنهن مستنطقات) أي: تشهد لك بتسبيحك.

فكون الواحد يجعل له سبحة -مائة حبة- يسبح بها، لا بأس به، حتى أن بعض الشباب إذا جاء لينام تأتيه الهواجس وتلعب به وقام يفكر، حتى بعضهم هواجسه تقوده إلى العادة السرية والأمور الخبيثة، لكن توقع لو أنه مد له مائة سبحة وجلس يستغفر الله، فيغلبه النوم وهو يسبح، ما يسبح مائتين أو ثلاثمائة إلا وهو داخل في نومة طويلة عريضة؛ فاجعل التسبيح دائماً قضيتك، إذا كنت لا تسمع شيئاً نافعاً أو لا تتحدث في شيء نافع فسبح بأناملك، واضبط العدد، سبح مائة حبة أو مائتين أو ثلاثمائة، خذ السبحة وسبح ليل نهار، فهذا مما يحافظ على الإيمان ويضيء وجهك بإذن الله عز وجل.

في الختام نسأل الله العظيم أن يرفع قدر الشيخ، وأن يعلي منزلته، وأن يجعل ما سمعنا حجة لنا في موازين أعمالنا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.