للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نقاء النفس من أسباب دخول الجنة]

إن نقاء النفس أيها الأحباب! لمن أسباب دخول الجنة كما في الحديث الذي رُوي في مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا يوماً جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة.

قال: فطلع رجل من أهل الأنصار تنطف لحيته من الوضوء، قد علق نعليه في يده الشمال، فسلم، فلما كان من الغد قال صلى الله عليه وسلم: يخرج عليكم من هذه الثنية أو من هذا الفج رجل من أهل الجنة؛ فطلع ذلك الرجل على مثل حاله، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة؛ فطلع ذلك الرجل على مثل حاله، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبع الرجلَ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فقال لذلك الرجل: إني لاحيت أبي -أي: كان بيني وبين أبي شيء من الملاحاة- فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً فإن رأيت أن تئويني إليك حتى تمضي ثلاث ليالٍ فعلت؟ قال: نعم.

قال أنس رضي الله عنه فكان عبد الله بن عمرو يحدث أنه بات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار -أي: انقلب وتقلب على فراشه- ذكر الله عز وجل، وكبر حتى يقوم إلى صلاة الفجر.

فقال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً) صاحبه ثلاث ليال وثلاثة أيام يريد أن يرى منه كثرة صلاة وكثرة صيام وكثرة أعمال، قال: (فلما فرغنا من الثلاث وكدت أن أحقر عمله، قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجر، لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت ثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بذلك فلم أرك تعمل).

وانظر إلى الصحابة كيف يتنافسون في العمل، وكيف يتبع بعضهم بعضاً ليتأسى ويقتدي وينتفع ويهتدي، بمن هو خير منه في العمل، أو بمن سبقه ببشارة من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: (فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فاقتدي بذلك، فما رأيتك تعمل عملاً كثيراً، فما الذي بلغ بك ما قال النبي صلى الله عليه وسلم؟! قال: هو ما رأيت، غير أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشاً ولا حسداً على خيرٍ أعطاه الله إياه، قال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق) وفي سند هذا الحديث مقال.