للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أم شريك رضي الله عنها]

خذوا صورةً من صور هؤلاء النساء اللائي لم يذكرهن التاريخ بسوءٍ ولا بشرٍ أبداً.

أم شريك رضي الله عنها، اسمها: غزية بنت جابر بن حكيم السدوسية، قال الأكثرون: هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها، وعن ابن عباس قال: [وقع الإسلام في قلب أم شريك رضي الله عنها فأسلمت وهي بـ مكة، وكانت تتردد وتدخل على نساء قريش سراً].

امرأة لما أسلمت وكان الإسلام لم يزل بعدُ سراً خفياً لم تقم له دولة وصولة، هذه المرأة جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهن وترغبهن في الإسلام، حتى انتشر أمرها في مكة، فأخذوها، وقالوا: لولا قومك لفعلنا بك، وفعلنا، لكن سنردك إلى قومك.

قالت: [فحملوني على بعيرٍ ليس تحتي منه شيء، ثم تركوني ثلاثة أيام لا يطعمونني ولا يسقوني، وكانوا إذا نزلوا منزلاً أوثقوني في الشمس واستظلوا هم عن الشمس، وحبسوني عن الطعام والشراب، فبينما هم كذلك قد نزلوا منزلاً أوثقوني في الشمس في حر الهاجرة، إذا أنا بشيء أجد برده على صدري، فتناولته فإذا هو دلوٌ من ماء -كرامة لـ أم شريك رضي الله عنها- قالت: فشربتُ منه قليلاً قليلاً، ثم نزع مني فرفع عني ثم عاد وتناولته فشربت منه، ثم رفع ثم عاد فتناولت منه، ثم رفع مراراً ثم شربت منه حتى رويت، ثم أفضت سائر ما في هذا الدلو على جسدي وثيابي، فلما استيقظ القوم إذ هم بأثر الماء حولي، ورأوني حسنة الهيئة، قد بَلَّ الماء جسدي وبدني، فلما استيقظوا ورأوها على هذه الحالة؛ قالوا لها: إنك حللت الوثاق فأخذت سقاءنا، وشربت منه، قالت لهم: لا والله، ولكن قد كان من الأمر كذا وكذا، قالوا: لئن كنتِ صادقةً لدينك خيرٌ من ديننا، فلما ذهبوا إلى أسقيتهم وجدوها كما هي ما نقصت منها قطرة، فأسلموا عند ذلك] وكانت سبباً في إسلامهم.

انظروا أيها الإخوة! انظرن واسمعون يا معشر الأخوات! ويا معاشر الأمهات! امرأة تدعو سراً لما تعذر الأمر أن تدعو جهراً.