قبل أن أختم: أيها الإخوة! من خلال متابعاتي لبعض ما يكتب، وبعض ما ينشر من الكتابات يظهر لي أن بعضاً من العلمانيين يملك سكرتارية متكاملة في الشئون الاقتصادية، وفي الشئون السياسية، وفي الشئون الاجتماعية، فلا يعقل أن رجلاً يستطيع أن يكتب كتابات بهذا العمق وبهذا المستوى من تلقاء نفسه، لا بد أن يكون له سكرتارية تتابع الأخبار أول بأول، وتعد له المعلومات وتحضر كل شيء، وما عليه إلا أن ينزل المقال باسمه سواءً في مجلة أجنبية، أو في إذاعة خارجية، أو غير ذلك.
لكن أقول: أيها الأحبة! نحن بحاجة إلى سكرتارية، علماؤنا بحاجة إلى سكرتارية، وأنتم سكرتارية العلماء، أنتم المكتب الإداري لعلمائكم ولقضاتكم ولولاة أمركم، فأنتم -يا شباب الصحوة- فيكم من عنده الوعي السياسي، والوعي الاقتصادي، والوعي الاجتماعي، ومنكم من يجيد اللغة الإنجليزية، فأرجو من كل واحدٍ منكم أن يعتبر نفسه سكرتيراً أولاً لسماحة الشيخ/ ابن باز متع الله به، ولا أظن واحداً منكم يحرم نفسه هذا الشرف أن يكون خادماً لهذا الشيخ، لا والله، بل إنه غاية الشرف أن نعين سماحة والدنا على ما يمكن أن نقدم له من حصر واستقصاء ورصد ومتابعة بدقة كافية لكي نقدم بين يدي سماحته وبين يدي علمائنا، وكذلك لولاة أمرنا، نحن أيضاً سكرتارية لولاة الأمر، لكي نقدم كل شيء فيما هو خطرٌ قد يخل بأمن المجتمع، ولا حول ولا قوة إلا بالله! المطلوب منكم -أيها الإخوة- أن تتابعوا من يظن فيهم الانحراف الفكري أو من عرفوا بذلك، نريد منكم أن تعتنوا برصد المقالات السابقة، يعني مثلاً: إذا أحد اشترى مجلة كذا، أو جريدة كذا، يشتري مجلداتها، ويتخصص في كتابات الكاتب الفلاني، ويبدأ يتفرغ لها، ويقرأها سطراً سطراً، واجمعوا زلاته من أول ما كتب إلى يومنا هذا، حتى إذا تكلم الأغيار، وقالوا: إن الدكتور الفلاني، أو الاستاذ الفلاني، أو السمكري الفلاني، أو البنشري الفلاني، ما هناك مشكلة، أن فلان بن فلان عنده من الأفكار كذا وكذا، نقول لعلمائنا: وهذه البينة، في مجلة كذا، يوم كذا وكذا نشر هذا المقال، وهذا المقال موجود، الجرائد لا تنسى شيئاً، والمحلات لا تضيع شيئاً.
على أية حال هي سجل يحفظ، وما كانوا يوماً ما يظنون أن كتاباتهم ستشهد عليهم وستدينهم، لذلك أقول: يا شباب! من عرف بعدواته للصحوة، وعداوته للأمة، وحقده على المجتمع، فمن واجبكم البحث، هذا الرجل أين يكتب؟ في أي مجلة؟ والله عرفنا أنه يكتب في مجلة كذا وكذا، فليتقاسم الشباب هذه المجلة، وليطلبوها من المجلدات القديمة، من بداية كتابته في تلك المجلة، أو الجريدة إلى يومنا هذا، وليجمعوا مقالاته مقالاً مقالاً، وليرصدوها وليحللوها، وليقدموا بها تقريراً لأمير المنطقة، لولي الأمر، ولسماحة الوالد الشيخ وللعلماء والقضاة، حينئذٍ -يا إخوان- والله لا يجرأ علماني أن يمسك القلم إلا سقط القلم عشر مرات، يعني: يستأجر عاملاً يمسك القلم في يده من أجل أن يكتب، إذا علم أن وراءه من يرصد الحرف والكتابة.
أكبر دليل على أنهم كانوا يعتقدون أن المجتمع مجتمع غبي وجاهل وساذج كتاباتهم في الحداثة، كتابات الحداثيين التي بلغت حد الشرك والإلحاد، ما كانوا يظنون أن أحداً يوماً ما سيخرجها بأكملها ويعرضها بين يديهم حتى قالوا: يا ويلنا من جمع هذا عنا كله؟ لكن فليعلم العلمانيون أن المجتمع فيه من يرصد هذه الحركة، والعودة إلى سجلات التاريخ من الوثائق والمقالات والبرامج وغيرها التي تخرج أفكارهم جميعاً، هذا واجبكم يا سكرتارية الأمة، يا سكرتارية ولاة الأمر والعلماء، وهذا أمر مطلوب منكم.