للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعويد الطفل على فعل الطاعة وترك المعصية]

أحبتنا في الله: من المعلوم والمشاهد بالتجربة أن الصغير إذا تعود شيئاً ونشأ عليه اعتاده وسهل عليه كبيراً وكما قال الأول:

وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه

وما دان الفتى بحجٍ ولكن يعوده التدين أقربوه

ولكن إذا كان الآباء والأمهات ما عودوه على الخير، ولا على التدين؛ الأب يصلي ويتركهم على فرشهم، والأم تفرش السجادة وتصلي ولا تسأل بناتها صلين أم لم يصلين، أما إذا جاء موعد الاختبارات، أو مواسم الدراسة، أو جاءت الساعة السابعة إلا ربع، أو ستة ونصف صباحاً، والله ما أخذت فسحتك؟ والله ما أفطرت يا فلان؟ والله ما أخذت شرابك؟ والله ما لبست الجزمة؟ يتفقدون الولد من رأسه إلى قدمه، كل ما على جسمه يتفقد لكن ما يتعلق بقلبه لا يتفقد أبداً، في حين أن الولد إذا عُوِّد على شيء تعوده، وأخذه يقين بدون الحاجة إلى أي برهان أو دليل، لكن إذا ضيعته وأردت أن ترده من جديد فدبر لك مائة حجة ومائة برهان ومائة دليل، لأجل أن تقنعه بالرجوع إلى الصراط المستقيم الذي تريده أنت.

يقول لي أحد الأحباب وهو رجلٍ صالح قال: إني مما عودت أولادي عليه أن أحذرهم من تعليق الصور على الجدران، وأقول لهم: إن تعليق الصور أمرٌ لا يجوز ومنهيٌ عنه، وقد يكون سبباً في عدم دخول الملائكة إلى هذه المنازل إلى غير ذلك، قال: في ذات يوم حصلت مشاجرة بين أحد الأطفال مع أخيه الأصغر ولعل أمه قست عليه في العقوبة قال: فما كان منه إلا أن تهددها وقال: والله إذا ضربتيني سوف أعلق صورة في الجدار فأدع الملائكة لا تدخل بيتنا، مقتنع تماماً بيقين أن التعليق أمرٌ يعني عدم دخول الملائكة، فأنت إذا علمت الصغار كل شيء منذ الصغر فذلك أمرٌ مهمٌ جداً.