للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آثار دعوى تقسيم الشريعة إلى قشور ولباب]

الحمد لله منشئ السحاب، وهازم الأحزاب، وخالق خلقه من تراب، منزل الكتاب، رب الأرباب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي لم يعلم طريق خيرٍ إلا دل أمته عليه، ولم يعلم سبيل شرٍ إلا حذر الأمة منه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وجزاه عنا خير ما جزى نبيٍ عن أمته.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام بصغيرها وكبيرها، بدقيقها وجليلها، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٌ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

عباد الله: إن التساهل بأحكام الشريعة وأوامر الشارع بدعوى أن بعض الأمور من القشور، أو أن بعض أحكام الشريعة ليست من اللباب، إن التساهل بالأمور المهمة والأمور الدقيقة والجليلة في الشريعة يقود إلى سقوط عرى الإسلام عروةً وعروة، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام، فكيف بمن وقع في الذنوب والمعاصي، بل بمن وقع في الكبائر باقترافها، وإصراره عليها، فهل ترونه إلا غارقاً في لجج المحرمات، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أموراً مشتبهات، فمن اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات؛ فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت؛ صلح الجسد كله، وإذا فسدت؛ فسد الجسد كله) فلو صلحت أفعالهم واستقامت جوارحهم على ما شرع الله؛ لكان دليلاً على صلاح مضغ قلوبهم.