للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كرامة طيار من قاعدة الظهران]

أحد إخوانكم من الشباب في قاعدة الظهران الجوية في هذه المعركة القائمة مع أعداء المسلمين البعثيين الكافرين، قابلته في القاعدة الجوية وكنت في حديثٍ مع بعض الإخوة الطيارين فقال لي: والله يا أخ سعد! إن الكلام عن الموت مثل الذي يحدثنا عن مادةٍ درسناها في الابتدائية ونحن في الجامعة، ما عدنا نفكر بالموت، لكنني أسألك إذا ركبت الطائرة وأنا بنية الجهاد في سبيل الله جل وعلا وأصبحت أتصل بجهاز الاتصال مع القيادة، ثم صار هناك نوع من الكلام أو الابتسامة أو الضحك في هذا الكلام هل هذا يقطع نية الجهاد؟ قلت: أبشر بالخير هذا لا يقطع نيتك، ولكن صوب واستعن بالله، وتذكر قول الله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:١٧].

وبحمد الله جل وعلا قد أكرم الله إخوانكم، بعد أن بلغوا هذه المرحلة الطيبة باحتسابهم فعلهم خاصةً في هذه المعارك الحالية التي تدور الآن على حدود المملكة مع العراق البعثي حكومة لا شعباً؛ لأننا حينما نتكلم؛ نتكلم عن الأنظمة الكافرة، أما الشعوب البريئة المسلمة فمن وافق القوم في كفرهم فعليه من الوزر ما وافق به، ومن برئ من فعلهم فإنهم براء بإذن الله جل وعلا.

أحد الطيارين يُقلع بطيارته وهذا الكلام قلته بخطبة الجمعة، وطائرة (الترنيدو) مزودة بجهاز (رادار) حينما تنطلق صواريخ سام ستة أو غيرها من أنواع الصواريخ المضادة للطائرات، فإنها بإذن الله جل وعلا حينما يرى قائد الطائرة في (الرادار) توجه الصواريخ نحوه، وحينما يرى أيضاً إذا كان طيرانه في الليل أو في وقتٍ يتضح منه لهب الصواريخ المتجه إلى طائرته، فإنه يخبر الرامي الذي يقعد في المقعد الخلفي وراءه في نفس الطائرة ويقول له: أطلق أشعة؛ هذه الأشعة هي البالونات الحرارية، يخرج من جهاز الرادار بالون حراري يتبعه الصاروخ، فالصاروخ حين ينطلق للطائرة يترك الطائرة متجهاً إلى البالون الحراري، فيقول رأينا حمماً من الصواريخ متجهةً إلى الطائرة وأنا أقول للرامي الذي خلفي: أطلق بالوناً حرارياً أطلق أشعة معدنية، ونطلق والصواريخ تذهب يميناً ويساراً، فلما انتهينا من المهمة وعدنا إلى القاعدة، وجدنا أن (الرادار) ما أطلق ولا بالوناً واحداً وأنه ما عمل أصلاً، فسبحان الله العلي العظيم! لعله بنيته بل إنه بنيته بفضلٍ من الله جل وعلا ومنّ ورحمة، وإلا ما الذي يجعل الصاروخ يصل إلى الطائرة ثم ينفصل عنها.

وهذا الكلام ما فيه حدثنا فلان عن فلان، والسند فيه مجاهيل وضعفاء ومساكين، لا، الرجل نفسه يخبرني والحديث بيني وبينه بحضور قائد السرب، فالحمد لله رب العالمين، الذي منّ على أحبابنا وإخواننا بهذه الكرامة لأن المسائل تتعلق بالنية.

القضية أن الجهاد في سبيل الله لا يتعلق بمسألة وجود كافرٍ معك في المعركة، أو يتعلق بوجود قوات مشتركة، الجهاد في سبيل الله يتعلق بنيتك أنت، فإذا كانت النية في سبيل الله كما قال صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: (يا رسول الله! الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل شجاعة، والرجل يقاتل حمية، أي ذلك في سبيل الله؟ -النبي ما أنكر على من يدخل المعركة يريد الغنيمة، ولم ينكر على من يدخل المعركة يريد العصبية والجاهلية والحمية- وإنما قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).