للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منكرات في المستشفيات]

معاشر المؤمنين! إن الكلام عن المصائب والمهلكات التي يرقص عليها العلمانيون طرباً في كليات مختلفة يقصر مقام الخطبة عن ذكره، وأسوق لك شاهداً واحداً حصل لفتاة مسكينة في جناح أمراض النساء والولادة.

ذات مرة زرت قريبة لي في مستشفى الملك خالد الجامعي وكانت في جناح أمراض النساء والولادة، وبجوارها فتاة يفصل بينها وبين الفتاة حاجز قماش، فسألت قريبتي هذه ما حال هذه الفتاة؟ قالت: لا تسأل عن حالها وعن بكائها وآلام نفسها وجرح مشاعرها البارحة! فقلت: كيف؟ قالت: نزل بها الرجال إلى الإشاعة وقد لبست روب المريض، والروب الذي يلبسه المريض يستر المريض من الوجه ستراً مكشوفاً ساتراً عارياً كاسياً، وأما الخلف فمكشوف بالكامل! قالت: وخرج بها من يقود السرير إلى مقر الإشاعة، ثم أمسك ببدنها وأوقفها أمام مقعد الإشاعة وهو يعدل مواقعها وشيعها ثم عاد بها إلى المكان نعم لقد أدى وظيفته، لكن من الذي أذن لرجل أن يفحص زوجتي أو زوجتك؟ أو يتعرض للمس أدنى قطعة من بدنها؟ من الذي جعل هذا الأمر أصبح شيئاً طبيعياً فرض نفسه؟ لا، إن من المسلمين من يظن أن الإنكار في كل مجال إلا إذا دخل المستشفى فعليك أن ترضى بالأمر الواقع، لا والله، إنما نرضى بما رضي الله به، ونرضى بما رضي الرسول صلى الله عليه وسلم به، فما الذي يجعل هذه الفتاة المسكينة تتعرض لتجارب الشباب يدخلون عليها ويكشفون عليها ويجافون بين رجليها، وينظرون إلى عورتها المغلظة وسوءتها المغلظة بدعوى الكشف والفحص؟ أفلا يفحص الرجال على الرجال، والنساء على النساء؟ لماذا جرح المشاعر؟ ولماذا قتل الغيرة؟ ولماذا ذبح الشيمة والحياء؟ يا معاشر المؤمنين! لقد كان الجاهليون على كفرهم وضلالهم لا يقرون هذا في نسائهم، أفبعد أن هدانا الله للإسلام، ومن علينا به، وأسبغ علينا النعم والطمأنينة نرضى به ونحن في بلاد الإسلام وبين المسلمين؟ حاشا وكلا، إن الإصلاح منتظر وهو واجب ولا يعذر بتركه أحد أبداً.

عباد الله! إن التفصيل في مقام ما يحدث للفتيات وللفتيان في كليات الطب وفي العلوم الطبية وفي المستشفيات، أمر ليس اليوم زمان تفصيله، ولكن أقول لكم يا عباد الله: لو تتبعنا ما نحن فيه لوجدنا بوناً شاسعاً بين ما نعتقده ونقول فيه: هذا حلال وهذا حرام، وبينما نراه واقعاً في مجتمعنا، فلماذا الانفصام النكد؟ ولماذا هذا التجافي والبعد بين النظرية والتطبيق وبين الفكر والسلوك؟ معاشر المسلمين! إن أقل واجباتنا أن ندعو الله ليلاً ونهاراً أن يهلك من كان سبباً في الإمعان والضلالة والإصرار على بقاء هذا النظام، ادعوا يا معاشر المؤمنين فإن دعاء الغيور مستجاب، ودعاء من كانت غيرته لله ولحرمات الله وللمؤمنين أحرى في الإجابة، ادعوا على من كان السبب، وادعوا على من أصر، وادعوا بالتوفيق والصلاح والعز والتمكين لمن كان سبباً في بداية إصلاح لهذا الأمر، وهذا ما نرجوه وما نتوقعه.

وأما ما ذكرناه من وجوب الدعاء على من يحرصون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين مخالفين بذلك أمر الله وأمر رسوله، والأوامر والتعليمات السامية فإن أولئك من المنافقين، الذين ما خلا مجتمع منهم، وهل خلا مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين حتى يخلو هذا المجتمع؟ إن فيكم سماعين لهم، وإن فيكم من يتمنون في مجتمعكم الإرجاف، وإن فيكم من لا يألونكم خبالاً، وإن فيكم من يودون هوانكم، ويودون بعدكم عن دينكم ويأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.