للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إيمان الفتاة بربوبية الله وألوهيته]

فإيمانك بالله أنه الخالق المدبر المتصرف، المحيي المميت، أرواحكن بيد الله جل وعلا، آجالكن في علم الله جل وعلا، أرزاقكن في علم الله جل وعلا، كل ما يدور الآن في أذهانكن وخواطركن وما سيدور وما دار من قبل كله في علم الله جل وعلا، لا تخفى على الله خافية.

إذاً: فهذا التوحيد الذي اسمه: توحيد الربوبية وهو أن المسلمة والمسلم يعتقد كل واحدٍ منهم أن الله الخالق المدبر المالك المتصرف، فكل شيء في هذا الكون بتدبير الله وأمره وخلقه وإرادته سبحانه وتعالى، هذا هو توحيد الربوبية، ويفسره العلماء أهل العقائد ويقولون: توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله، أو توحيد الإقرار يعني: أن نقر ونعترف أن كل تدبير هو من عند الله جل وعلا، فإذا عرفنا هذا أصبحنا ننسب الأمور إلى فعل الله وتقديره، لا نقول: والله حصلت زلازل وبراكين لضعف القشرة الأرضية، بل نقول: بإرادة الله، بأمر الله جل وعلا، حتى الذين يقولون: إن الزلازل والبراكين حدثت بسبب ضعف القشرة الأرضية نقول: من الذي جعل القشرة الأرضية ضعيفة أليس الله جل وعلا؟ إذاً فلا يمكن أن ننسب الأمور إلا إلى الله جل وعلا، نقول: هبت عواصف نتيجة منخفض جوي، بل نقول: بأمر الله، وإرادة الله، ومشيئة الله، فلابد من أن ننسب الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.

وهذا الإيمان أيتها الأخوات الذي اسمه: الإيمان بتوحيد الربوبية، هل تظنن أن أبا لهب وأبا جهل وعبد المطلب، وكفار قريش كانوا ينكرونه؟ لا.

كانوا يؤمنون به، قال الله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥] فكفار قريش يؤمنون بتوحيد الربوبية.

إذاً: فهل هذا هو التوحيد المطلوب منا؟ لا.

مطلوبٌ منا مع توحيد الربوبية توحيدٌ أسمائه وصفاته وتوحيد الألوهية، وهذا التوحيد يعني: أن نصرف جميع العبادة لله، لا نحلف إلا بالله، فلا نحلف: بالنبي والأمانة والكعبة والشرف، ولا نذبح إلا لله، لا يمكن أن نذبح للساحر أو الكاهن أو الشجرة أو الأثلة الفلانية، لا نتوكل إلا على الله، لا نستعين إلا بالله، لا نصلي إلا لله، لا ننحر إلا لله، فكل عبادةٍ صغيرة كانت أو كبيرة لا يجوز صرفها إلا لوجه الله جل وعلا.

أيتها الأخت: خذي مثالاً من واحدة من البنات والفتيات اللائي تربين في حضن الدعوة وفي مجتمع الدعوة، دعوة الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب نور الله ضريحه، وجمعنا به في الجنة.

فاطمة بنت الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت في طريقها إلى الحج، وكانت في الهودج، وكان الذي يقود جملها أو بعيرها خادماً عندهم، فمروا على قومٍ كانوا يعظمون قبراً من القبور، فأنكروا عليهم إلا أن صاحب القبر قال: قربوا قربوا لهذا الولي، قربوا لصاحب القبر شيئاً، فقال خادمها: ما نقرب إلا ترباً في وجهك، بهذه العبارة، فأخرجت -الحصان الرزان المتدينة العالمة الموحدة التي ظهر أثر القرآن عليها- أخرجت رأسها من ستر الهودج وقالت: حتى التراب لا يقرب لغير الله جل وعلا، فدل هذا على أن الفتاة المسلمة قبل أن تكون داعية، وقبل أن تكون مثقفة، وقبل أن تكون أديبة، وقبل أن تكون ذواقة للشعر، وقبل أن تكون قادرة على جمع المعلومات، ونشيطة في التحركات، قبل ذلك كله هي صاحبة إيمان، صاحبة عقيدة، صاحبة توحيد.

ثم كذلك هذا القرآن يجعل الفتاة المسلمة تؤمن بأن الله لا شبيه له، ولا مثيل له، ولا نظير له جل عن كل ذلك: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١] فمن أراد أن يشبه الله في جملة أو في وصفٍ أو هيئة أو حالٍ من الأحوال فإن هذا يدخل ويتكلف فيما ليس له به علم، بل ربما يصل إلى حد الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!