[فضل الجهاد والمجاهدين]
يا إخوان! الجهاد يشعل العزة ويرفع العزيمة، ويجعل من لا شأن له ولا مكانه يحمل على الرءوس وعلى الأذقان، فمن أراد لنفسه عزة فعليه بالجهاد، الجهاد لا يحتاج إلى دكتوراه ولا يحتاج إلى دورة لغة، يحتاج إلى نفس تؤمن بالله وتفنى حباً في سبيل الله، وتضحية لإعلاء كلمة الله، وماذا بعد ذلك؟ إن قدرت له الحياة سيعيش عزيزاً مكرماً، وإن مات تبادرته الحور العين، ست خصال: يغفر له عند أول دفعة من دمه، والذي يموت على فراشه ينازع ويعالج وتسحب منه الروح سحباً في سكرات الموت، أما ذلك الشهيد فيغفر له عند أول قطرة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، وتبتدره اثنتان وسبعون حورية إلى آخر الخصال التي ينالها.
واعلموا -يا إخوان- أنني أقول: إن الجهاد يكون من كل واحد بحسبه، فإذا كان جهاد أحدنا في جمعه للتبرعات، أو إيضاح قضية الجهاد، أو في أمر ينفع المجاهدين حتى وإن لم يكن في ساحة الجهاد فهو في عين الجهاد، لكن أقول لشاب ليس له دور أو عمل أو مكانة أو أسرة يقوم عليها أو أمر ينفع المجاهدين: ما الذي يقعدك؟ أليس الجهاد خيراً لك؟ ولذلك -يا إخوان- الأمر بالنسبة للشباب في الجهاد كل بحسبه، فإذا كان خدمتك للجهاد في الجبهة فخير الجهاد أن تكون في الجبهة، وإن كانت خدمتك للجهاد في موقعك فخير الجهاد أن تبقى في موقعك، وإن كانت خدمتك للجهاد في الطب والجراحة فخير الجهاد أن تكون في الطب والجراحة، وإن كانت خدمتك للجهاد في كفالة الأيتام فخير الجهاد أن تمضي في هذا العمل، المهم أن تعلم أن الجهاد أن تخدم الجهاد في أجل صورة وفي أجمل موقف سواءً كنت في الجبهة أم لا.
اعلموا -أيها الأحبة- أن الجهاد لا شك في مقابلة الصفوف والأعداء، والرباط هو أفضل الأحوال جميعاً؛ كفى بصليل السيوف فتنة، لماذا لا يفتن الشهيد في قبره؟ قيل: كفى بصليل السيوف فتنة، كفى بأزيز الطائرات ولهيب النار فتنة.
فيا أحبابي: أدعوكم أن نكون مجاهدين، جهادنا كل بحسبه، جهادنا أن ندعم هذا الجهاد كل في موقعه، وكل في مكانته، وكل بحسب قدرته وافهموا هذا الكلام فهماً جيداً.
أقول -أيها الإخوة-: إننا لم نعرف كيف نعمل للإسلام، نحن إذا جاء أحد وألقى المحاضرة وقال: تبرعوا، تبرعنا، لكن لم نعرف كيف نجعل العمل للإسلام كالفطور والغداء والعشاء كما يفعل النصارى، العمل للتنصير عمل يومي، يعني: إلى جانب كونه طبيباً لكنه منصر أو مهندساً لكنه منصر في نفس الوقت، أياً كان عمله، لكن نحن عندنا ازدواجية أو انفصام، لا نستطيع أن نجمع بين كوننا أساتذة ومجاهدين أو أطباء ومجاهدين أو مهندسين، ومجاهدين ينبغي أن نعرف كيف نتعلم لنجعل الجهاد عملاً يومياً في الصباح والمساء كما نجعل الغداء والفطور والعشاء وجبة يومية.
أقول لكم -أيها الإخوة-: سنة حسنة من استمر بها يلقى الله بأجر عظيم، كل واحد منكم لا يخلو في الأسبوع من مناسبة أو وليمة، أسبوعياً الواحد يدعى إلى ثلاث ولائم أو أربع ولائم، ونجتمع ونتحدث قليلاً ثم نتفرق ما فعلنا شيئاً لماذا لا نخدم هذا الجهاد؟ نشبع والناس جياع، نضحك والناس يبكون، لماذا لا نتعود من الآن أن كل مجلس نجلس فيه وفيه أكل وشرب، أنا أسامحكم من جلسات الشاي؛ لكن الجلسات الضخمة والعشاء الدسم لا بد أن يكون بعدها الحساب كيف؟ إذا جلس عندك إخوانك وتحدثوا وشبعوا وأكلوا وريقة: لا تنسوا إخوانكم المجاهدين.
على الأقل إذا اجتمع عشرة وكل واحد دفع خمسة ريالات تحصل خمسون ريالاً أظنها تكفل يتيماً لمدة شهر واحد أو أقل من شهر.
المهم أن نجعل العمل للجهاد والعمل للإسلام عملاً يومياً، ما ظنكم أن كل واحد منا كانت عنده مناسبة يجمع فيها مائة ريال، ثمانين ريالاً، مائة وعشرين ريالاً على مستوى المنطقة، كم نجمع للمجاهدين؟ ثم نسلمها إلى يد موثوقة توصلها إلى المجاهدين حسب الهيئة التي نتعامل معها أو الجهة التي نحن نثق بها.
فيا أحبابي: العمل للإسلام نريد أن يكون يومياً لا أن يكون مناسبياً، مناسبة محاضرة: الجهاد الجهاد.
والعشاء ليس فيه جهاد؟ والغداء ليس فيه جهاد؟ والعقيقة ليس فيها جهاد؟ والنزالة وقصر الأفراح لا نجمع فيها للجهاد؟ ولا نثقل كاهلنا بالكثير، ريال أو خمسة ريالات، بالكثير عشرة ريالات وكثر الله خير من فعل ذلك، كل واحد منكم مسئول عن هذا العمل.
عندنا شاب أسأل الله أن يوفقه بالدخل المحدود، شاب زهراني عندنا في الرياض الله يبارك فيه، بين فترة وفترة: يا أخ سعد تفضل هذه مائة وستة عشر هذه مائة وعشرون، هذه ثمانون، هذه تسعون.
ما هذا؟ كنا في مناسبة، ومستمر على هذا العمل، قلت: يا أخي! هنيئاً لك، وذكرت له حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه الله إلى عمل صالح ثم يتوفاه عليه) فأسأل الله أن يستعملني وإياكم في طاعته، وأن يثبتني وإياكم على مرضاته، أسأل الله أن يتوفانا راكعين ساجدين شهداء مسلمين موحدين، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من الهداة المهتدين، ونسأله ألا يتوفانا وألا يقبضنا على خزي أو فاحشة أو منكر أو معصية.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.