للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلح الحديبية]

وانظر إلى موقفه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية في ذي القعدة في السنة السادسة من الهجرة، عزم صلى الله عليه وسلم على زيارة البيت الحرام، وأحرم هو ومن معه بالعمرة وساروا في طريقهم إلى مكة، وبلغ قريشاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته خرجوا، وكانوا ألفاً وأربعمائة رجل، وساقوا معهم الهدي، ولما بلغوا عسفان لقيه سفير من قريش اسمه بشر بن سفيان الكعبي، فقال بشر للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قريشاً قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العون، يعني: النوق المطافيل، قد لبسوا جلود النمار، وقد نزلوا بـ ذي طوى يعاهدون الله، قريش تعاهد ربها ألا يدخل محمد وأصحابه عليهم مكة أبداً، وهذا خالد بن الوليد في جنبهم وفي خيلهم، فلما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم كلام بشر، قال: (يا ويح قريش، يا ويح قريش، قد أكلتهم الحرب، وماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس -"إن أدوا إلي عباد الله" ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس- فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله، دخلوا في الإسلام وافرين)، وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة)، فهذا قول إمام الدعاة والعلماء صلى الله عليه وسلم، مصمم ماضٍ على دعوته في إدبار قومه وإقبالهم، فهذا واجب كل عالم وداعية أن يدعو إلى الله في كل حال، وألا يتردد يوم أن يرى من الناس إقبالاً وإدباراً، أو إرجافاً وخوفاً وزعزعة.