للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر قرين السوء]

اعلموا -يا عباد الله- أن من أسباب وقوع بعض الفتيات أو بعض الناس في هذا القدوة السيئة، وغياب القدوة الحسنة، وذلك أن العامة والنساء خاصة ينظرون إلى من هو أقل منهم في استغلال أوقاتهم واستثمار حياتهم، والواجب أن نعلم أن قدوتنا في من هو أعلى وأكمل وأجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:٢١] فالحذر الحذر من قرين وقرينة السوء اللذين يدسان السم في العسل، واللذين يغران بمعسول الكلام، والحذر الحذر ممن يهونون المعصية، ويعظمون أمر الطاعة، ويجعلون شأن التوبة بعيداً، ومنالها أمراً صعباً حديداً، فأولئك من شياطين الإنس الذين قاد بعضهم بعضاً إلى ما لا يرضي الله عز وجل، إنه قرين السوء لا يريد بصاحبه خيراً:

ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالحُ

قل لنا من جليسك فنقول لك من أنت، واعرف وانظر من جليس ابنتك أو موليتك ثم احكم لتعرف من هي، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:٢٧ - ٢٩].

إن بعض الفتيات -هداهن الله- يشعرن بالنقص كلما أرادت التوبة، ويشعرن بالعجز كلما أرادت الإقلاع، وتشعر بالإحباط كلما صممت على هجر المنكر والمعصية، وما ذاك إلا من الشيطان الذي هو عدو الإنسان قال عز وجل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:٢٦٨] أما إن الفتاة لو صممت وعزمت وشمرت واجتهدت ثم تركت هذه المنكرات، وطلقت تلك المعاصي، وأقبلت على الطاعة؛ قراءةً للقرآن، وتدبراً للسنة، وإقبالاً على النافع من الكتب، وحرصاً على جليسة صالحة، وقرينة نافعة، فإن ذلك -بإذن الله- يورثها استقامة وصلاحاً، وإن كثيراً من الناس ليعلمون إدبار بناتهم أو أخواتهم أو مولياتهم عن الاستقامة ولكن بعضهم كثيراً ما يضرب الأنامل بعضها ببعض، أو يضع كفاً على كف ويقول: كيف أنصحها وأنا رجل وهي امرأة، وأنا ذكر وهي أنثى، وكيف أؤثر عليها، نقول: خاطبها كلِّمها وجهها أرشدها حذرها، بيِّن لها ما يحاك لها ويدبر ويتربص بها، وعظها وقل لها في نفسها قولاً بليغاً، وادعها إلى التوبة التي أمرنا بها، فالله عز وجل يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١] وبين لها حاجتها إلى التوبة، وحذرها من سوء الخاتمة، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يبعث كل عبد على ما مات عليه) فأيما رجل أو امرأة مات على خنا بعث عليه، مات على رباً بعث عليه، مات على فاحشة بعث عليها، مات على معصية بعث عليها، ومن مات على طاعة بعث عليها، فالواجب أن ننبه إلى خطر سوء الخاتمة.